نعم الإشكال يرد فيما لو تمّ رفع العقاب عن فرد من الصنف الأول ولم يُرفع عن فرد آخر من نفس الصنف مع أنهما متساويان في الصفات تماماً.
هذا من جهة ، ومن جهة أُخرى فإنّ « وقوع الشفاعة وارتفاع العقاب ... وذلك إثر عدّة من الأسباب ، كالرحمة والمغفرة والحكم والقضاء وإعطاء كلّ ذي حق حقه ، والفصل في القضاء ، لا يوجب اختلافاً في السُنّة الجارية وضلالاً عن الصراط المستقيم » (١).
إنّ الشفاعة المعروفة لدى الناس هي : أن يدعو المشفوع عنده إلى فعل شيء أو ترك الفعل الذي حكم به على المشفوع له ، وهذا أمرٌ لا يمكن حصوله ، إلاّ إذا حدث للمشفوع عنده عِلمٌ جديد يوجب عنده قبول الشفاعة في المشفوع له ، أو أنّه ينصرف عن إجراء الحكم الذي قرره رعاية للشفيع ومنزلته عنده ولو كان على حساب الحق والعدل والإنصاف ، وهذه افتراضات لا يجوز نسبتها إلى الله ( تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ).
والجواب عليه :
فهو افتراض باطل من أساسه ، لأنّ الفعل الذي قررّه سبحانه وتعالى ـ وهو العقاب ـ لم يكن أثراً غير قابل للانفكاك عن « الذنب » ، لما تقدّم من أنّ الذنب ليس إلاّ مقتضياً للعقاب ، فالشفاعة ـ بعد أنْ كان الذنب مجرد مقتضٍ للعقاب ـ تقدّم الوعد بها ، وأثبتها القرآن الكريم بصورها وحدودها
__________________
(١) الميزان في تفسير القرآن ، للطباطبائي ١ : ١٦٤.