ومواصفات أشخاصها ، لا تمثل عند قبولها انصرافاً عن الفعل الذي قرره سبحانه وتعالى ، بل هي وفاءٌ لما قرره بحق عباده ، وهي بعد هذا لا توجب معنى حصول علم جديد بعد أن تقدم العلم بها حتى ذكرها سبحانه وتعالى وأوضح الطريق والباب الذي يمكن للمؤمنين المذنبين أن يلجوه وصولاً إلى رضوانه تعالى.
هذا من جهة ، ومن جهة ثانية ، فإنّ الله سبحانه وتعالى قد سبق في علمه ، مصائر عباده وحالهم في الدنيا والآخرة ، وبعد هذا العلم الشامل ، فليس في قبول الشفاعة علم جديد يحصل عنده ، ( تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ... ).
ويتضح ذلك من قوله تعالى : ( ... يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (١).
ويقول العلاّمة الطباطبائي قدسسره : « ... نعم تغيّر العلم والإرادة المُستحيل عليه تعالى هو بطلان انطباق العلم على المعلوم والإرادة على المراد مع بقاء المعلوم والمراد على حالهما ، وهو الخطأ والفسخ ، مثل أن ترى شبحاً فتحكم بكونه إنساناً ثم يتبيّن أنّه فرس فيتبدل العلم ، أو تريد أمراً لمصلحة ما ثم يظهر لك أنّ المصلحة في خلافهِ فتنفسخ إرادتك ، وهذان غير جائزين في مورده تعالى ، والشفاعة ورفع العقاب بها ليس من هذا القبيل كما عرفت » (٢).
__________________
(١) الرعد ١٣ : ٣٩.
(٢) الميزان ١ : ١٦٥.