فصحيحٌ أنّ « الكذب » مثلاً الصادر من المؤمن والصادر من الكافر واحد ، إلاّ أنهما يختلفان حكماً ، وقد دلّت على هذا الاختلاف الأدلة الواردة من قِبَل نفس المولى الذي اعتبر الكذب معصيةً له ، وهي الأدلة التي فرّقت بين المؤمن والكافر.
فهذا الإشكال إنّما نشأ ـ في الحقيقة ـ من توهّم وحدة الذنب ، وقد بيّنا أنّه يختلف ويتعدد باختلاف صاحب الذنب ، وبهذا اللحاظ يختلف الحكم بجعل من المولى نفسه.
إنّ القرآن الكريم ، في آياته الشريفة ، قد صنّف موقف الناس يوم القيامة إلى عدة أصناف ، فهناك مؤمنون ، وهناك كافرون.
والكافرون هم أولئك الذين لم يؤمنوا بالله في الحياة الدنيا أو أشركوا بعبادته أحداً ، ومثل هؤلاء لا تنالهم الشفاعة بصريح القرآن : ( ... أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ ... ) (١).
أو قوله تعالى : ( ... وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ... ) (٢). وواضح أنّ الخلود في النار يتنافى مع مفهوم الشفاعة ..
كما نجد آيات أُخرى تؤكد على ذلك.
إنّ ما قرّره الله سبحانه وتعالى من جزاء للمؤمنين والكافرين هي من
__________________
(١) الزمر ٣٩ : ٤٣.
(٢) البقرة ٢ : ٢٥٧.