ذكر لنزولها وجهان : أحدهما في تفسير ينسب إلى الصادق عليهالسلام أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا حصل له الغنائم من خيبر قالت له نساؤه أعطنا من هذه الغنيمة قال قسمتها بين المسلمين بأمر الله فغضبن وقلن لعلّك تظن إن طلّقتنا لا نجد زوجا من قومنا غيرك ، فأمر الله تعالى باعتزاله لهنّ والجلوس في مشربة أمّ إبراهيم حتّى حضن فطهرن ثمّ أنزل الله هذه الآية (١).
وثانيهما ، قال المفسّرون (٢) أنّ أزواجه سألنه شيئا من عرض الدّنيا وطلبن زيادة في النفقة ، وآذينه لغيرة بعضهنّ من بعض فآلى رسول الله صلىاللهعليهوآله منهنّ شهرا فنزلت آية التخيير. وهي هذه ، وكنّ يومئذ تسعا : عائشة ، وحفصة ، وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان ، وسودة بنت زمعة ، وأمّ سلمة بنت أبي أميّة فهؤلاء من قريش ، وصفيّة بنت حيّ الخيبريّة ، وميمونة بنت الحارث الهلاليّة ، وزينب بنت جحش الأسديّة ، وجويرية بنت الحارث المصطلقيّة.
فلمّا نزلت طلبهنّ وخيّرهنّ في المفارقة والبقاء ، فاخترنه عليهالسلام وأصل « تعال » أن يكون الآمر في مكان مرتفع والمأمور في مكان مستقل ثمّ كثروا ستعير للآمر بإقبال القلب وهو المراد هنا.
والسراح كالسّلام والكلام ، بمعنى التسريح والتكليم (٣) وهو كناية عن الطلاق ووصفه بالجميل أي يكون لا عن مشاجرة ومخاصمة بين الزّوجين ، أو أن يكون من غير إضرار وبدعة ، وهنا فوائد :
١ ـ أنّ التخيير لنسائه بين المقام والمفارقة على التقديرين المذكورين واجب عليه لقوله « قل » والأمر للوجوب ، والتخيير هنا كناية عن الطلاق ، فمن اختارت الدنيا انفسخ نكاحها وهو من خواصّه.
٢ ـ قيل إنّ المتعة لا يكون إلّا للمطلّقة قبل الدّخول وقبل فرض المهر
__________________
(١) تفسير القمي ص ٥٢٩.
(٢) مجمع البيان ج ٨ ص ٣٥٣.
(٣) كذا في جميع النسخ : والسياق يقتضي زيادة « والتسليم ».