إذا عرفت هذا فنقول قوله ( اتَّقِ اللهَ ) نهي تنزيه لا تحريم ، لأنّ الطّلاق ليس بحرام ، بل مبغوض لله ، لأنّه ضدّ النكاح المندوب إليه ، وقيل : معناه لا تذمّها بسبب تكبّرها وأذى زوجها.
ثمّ اختلف فيما أخفاه رسول الله صلىاللهعليهوآله على وجوه الأوّل أنّ الله أعلمه أنّها من نسائه ، وأنّ زيدا سيطلّقها ، فلمّا جاء زيد وأراد أن يطلّقها قال له أمسك عليك زوجك فقال له سبحانه لم تقول له أمسك عليك زوجك وقد أعلمتك أنّها تكون من أزواجك عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام وهذا مطابق للآية لأنّه تعالى أعلمه أنه يبدي ما أخفاه ولم يظهر غير التزويج فقال ( زَوَّجْناكَها ) ولو كان غير ذلك لأبداه ، فعاتبه الله على ذلك.
الثاني : أنّه الميل الطبيعيّ إليها وذلك لا يوصف بالإباحة والتحريم ، لكونه بغير الاختبار لكنّه صلىاللهعليهوآله كره إظهاره للناس لبشاعته وربّما كان المنافقون يقولون إنّه قد عشق وأذن الله في تزويجه بما عشقه ، وذلك مناف لما هو بصدده من تبليغ الرّسالة وهداية الخلق ، ولم يعلموا أنّ ذلك أمر جبلّيّ غير مقدور.
الثّالث : أنّه أضمر أنّه إن طلّقها زيد يتزوّجها من حيث إنّها ابنة عمّه فأراد ضمّها إلى نفسه لئلّا يصيبها ضيعة ، كما يفعل الرّجل بأقاربه ، وليكون جبرا لقلبها حيث زوّجها مولاه أوّلا مع كراهتها مع أنّه قال ( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ).
الرّابع : أنّه كان يريد نكاحها مع مفارقة زيد ليكون مبطلا لستّة الجاهليّة في تنزيل الأدعياء منزلة الأبناء ، لكنّه عزم على عدم ذلك مخافة أن يطعنوا عليه بأنّه تزوّج امرأة ابنه فأنزل الله الآية لكيلا يمتنع عن فعل المباح خشية الناس ولذلك عقّب الكلام بقوله ( لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ ).
قوله ( وَتَخْشَى النّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) أي تخشى مقالتهم واعتراضهم عليك بغير حقّ ، والله أحقّ أن تخشاه في إيقاع أوامره الحقّة ، قوله ( فَلَمّا قَضى زَيْدٌ ) إلى آخره أي فرغ من إرادته لها وإعطاء شهوته منها مقتضاها.
قوله ( وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً ) أي ما أراد الله أن يكون من فعله لا بد أن