لجناية على غيره والنسب يلزم مع الشرائط وانتفاء الموانع حسّا وشرعا وفيه آيات :
الاولى ( فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ ) (١).
والاعتراف افتعال من المعرفة ويقال عرفا [ على ] الإقرار مع المعرفة بما أقر به فلو لم يكن دليلا لما رتّب الذمّ والدعاء عليهم بقوله ( فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ ) أي بعدا لهم من رحمة الله من أسحقه إذا أبعده.
الثانية ( وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ) (٢).
وشهادة الإنسان على نفسه إقرار منه بما شهد به.
الثالثة ( قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا ) (٣).
ودلالتها على لزوم الحكم للمقرّ ظاهرة.
تفريع
لو قال : لي عندك كذا فقال : أنا مقرّ لك به ، لزمه قطعا أمّا لو قال أنا مقرّ هل يلزمه ذلك أم لا؟ قيل لا يلزم لاحتمال إضمار غير ما تقدّم أي مقر بالوحدانيّة أو النبوّة أو ببطلان دعواك فلا يكون صريحا في الجواب إذ هو أعم ، ولا دلالة للعامّ على الخاصّ وقيل يكون إقرارا لوجوده عقيب الدعوى ، فيكون منصرفا إليها للعرف وللآية فإنّهم لم يقولوا أقررنا بذلك.
إن قلت : إنّما ترك ذكر المتعلّق لعلمه تعالى بقصدهم ذلك ولذلك ترك ذكره في السؤال بقوله « أَأَقْرَرْتُمْ » ولم يقل « بذلك » قلت مراده تعالى إلزامهم بإقرارهم وكلامهم ولذلك قال « فَاشْهَدُوا » أي ليشهد بعضكم على بعض ، فيكون المراد إقرارهم لا قصدهم لعلمه بذلك.
__________________
(١) الملك : ١١.
(٢) الانعام : ١٣٠ والأعراف : ٣٦.
(٣) آل عمران : ٨١.