ثمّ اعلم أنّ الصور المفروضة هنا لفظا أربعة :
١ ـ أنا مقرّ لك به وهو صريح في الإقرار.
٢ ـ أنا مقرّ لك ولم يقل به ، وفي هذا احتمال أنه مقرّ لك بغيره فلا يكون صريحا في الجواب.
٣ ـ أنا مقرّ به ولم يقل لك قال العلّامة يكون إقرارا وظاهر كلام الشهيد يكون إقرارا لاحتمال إقراره به لغيره لا له.
٤ ـ أنا مقر لا غير ولم يذكر الضميرين وفيه الاحتمالان المتقدّمان. فظاهر الآية يدل على كون كلّ إقرارا وحذف الضمير الدالّ على الربط لا يضرّ هنا لأنّه كثيرا مّا يحذف الضمير للعلم به ، ويؤيّده العرف ، وقرينة الخطاب ، ولأنّه لو قال : نعم ، في هذه الصور ـ لكان إقرارا فكذا فيما قلناه.
الرابعة ( كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ ) (١).
وتقريره كما تقدّم.
الخامسة ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى ) (٢).
وكذا قوله ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ) (٣).
يستدلّ بهاتين الآيتين وشبههما على كون حرف الإيجاب يصلح إقرارا وأن بلى إيجاب بعد النفي و « نعم » تقرير لما سبق ، إن نفيا فنفيا وإن إيجابا فايجابا ولذلك قال ابن عبّاس في الآية الثانية لو قالوا نعم لكفروا ، أي نعم لست بربنا وفيه نظر لأنّ أهل العرف يستعملون نعم بمعنى بلى ويدلّ عليه قول الشاعر :
أليس الله يجمع أمّ عمرو |
|
وإيّانا فذاك بنا تداني |
__________________
(١) النساء : ١٣٤.
(٢) الملك : ٨.
(٣) الأعراف : ١٧١.