وهؤلاء لاحظ لهم في الدين ولا ثواب ، إذ هكذا رياضات تخالف جوهر الدين ، وإنما الرياضة الروحية الوحيدة في الإسلام هي التقوى ، يعني عدم اتباع هوى النفس ، والعمل على طبق الأوامر الإلهية ، فبالتقوى تسعو وتقوى الروح ، وترتقي مدارج الكمال ، فتكون مورد العناية الربانية.
٣ ـ وقد يكون الأمر خارقا للعادة ، ويكون من قبل الله تعالى ، ولكنه ليس على وجه يبين صدق دعوى المدعي ، بل يأتي تكذيباً لما ادعاه.
مثل ما روي أنه قيل لمسيلمة الكذاب (١) : إن محمداً [ صلّى الله عليه وآله وسلم ] تفل في بئر فكثر الله ماءه القليل ، فاتفل أنت في بئر قليل الماء!!
فتفل فغار ما كان فيه من الماء.
وقيل له أيضاً : إن محمداً [ صلّى الله عليه وآله وسلم ] دعا لأعور فرد الله عينه الأخرى إليه ، فافعل أنت مثله!!
فدعا لأعور فذهبت عينه الأخرى الصحيحة (٢).
فهذه وإن كانت خرقا للعادة ، ومن قبله تعالى ، ولكنّها نقيض ما التمسه مسيلمة المدعي للنبوة ، وذلك مبالغة في تكذيبه وتقريراً لنبوة نبيا (صلى الله عليه وآله وسلّم) وتصديقاً له.
فالمعجز إنّما يدل على صدق دعوى تطابقه ، فإن ادعى مدع
__________________
(١) الذي ادعى النبوة في زمان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
(٢) المنقذ من التقليد والمرشد إلى التوحيد : ص ٤١٣.