بهذه النفسية الحاقدة ، وبهذه الروح الشريرة هاجم الجلودي دار الإمام (عليه السلام) ، فحقده على أهل البيت كان الهواء الذي يتنفسه ، ويحفظ عليه حياته ومقامه عند أسياده العباسيين.
ولكنّ الإمام (عليه السلام) يمنعه من اقتحام البيت. وليس الجلودي ـ وأشباهُهُ ـ جديراً ليستجيب للعواطف والتوسلات ، أو ليخضع للمنطق والبرهان ، فهو ممن ملئت قلوبهم بغضا وحنقاً وحسداً لأهل بيت النبوة ، ولا يعرفون إلا لغة السلاح ومنطق القوة والظلم والإضطهاد. فلم يزل الإمام يطلب إليه ويحلف له ، حتى سكن الجلودي ووافق على طلب الإمام.
فدخل الإمام فلم يدع عليهن شيئا إلا أخذه منهن حتى اقراطهن وخلاخيلهن واُزرهن ، وجميع ما كان في الدار من قليل وكثير.
ويظهر أن هذه الحادثة هي من مسلسل ضغوط المأمون لإرغام الإمام (عليه السلام) وإخراجه من المدينة إلى خراسان حيث يكون تحت منظار المأمون ورقابته ، إذ إن الحادثة كانت بعد سنة من تولّي المأمون للحكم ، فقد خلص الأمر له سنة ١٩٨ هـ ، وتوصل تفكيره الشيطاني إلى القضاء على الإمام (عليه السلام) وتشويه سمعته بجلبه إلى خراسان ، وتسليمه الخلافة أو ولاية العهد ، وللضغط عليه لاستقدامه أنفذ إلى الجلودي بالإغارة على دار الإمام ، وسلب عقائل آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وإرعابهنٌ.
ولما رحل الإمام إلى خراسان واُدخل على المأمون قام فرحب به واظهر المحبة والإخلاص له ، وعرض عليه الخلافة فأبى الإمام (عليه