وعمر ، وعثمان ، ومعاوية ، وهؤلاء كانوا لا يرتضون التحديث عن رسول الله ، ويدعون إلى الاكتفاء بالقرآن الكريم ، ويخالفون تدوين الحديث عن رسول الله والتحديث به ، وفي المقابل كان هناك مجموعة من الصحابة يصرون على التحديث والتدوين عن رسول الله وإن وضعت الصمصامة ( السيف ) على اعناقهم (١) ، ونحن اوضحنا ليلة أمس بأن المخالفين لعمر بن الخطاب ـ في المفردات الفقهية ـ كانوا من أصحاب المدونات ، أي من الذين يتحدثون عن رسول الله ويتبعون النصوص ، ولا يرتضون الراي ، وهذا يرشدنا إلى ان الخلاف بين عمر والاخرين لم يكن في الامور السياسية فقط ، بل كان يشمل المسائل الفقهية أيضاً ، وقد اثبتنا في كتابنا ( منع تدوين الحديث ) ان اغلب المخطّئين لعمر بن الخطاب في فتاواه كانوا من أصحاب المدونات ، وهذا يدلنا إلى امكان الاستفادة من مرويات امثال هؤلاء الصحابة ؛ لدعم ما تنقله مدرسة أهل البيت عن رسول الله ، فنحن لو تتبعنا مرويات أصحاب المدونات ـ التي احرقها عمر والتي لم يبق بأيدينا شيئاً منها ، إلاّ احاديثهم المتناثرة في الصحاح والسنن والمصنفات ـ في احدى المسانيد كمسند أحمد مثلاً لوجدنا ان ما يروونه عن رسول الله يتفق بنسبة عالية مع ما يروى عن ائمتنا
_________________________________
(١) انظر صحيح البخاري ١ : ٣٧ ، باب العلم قبل القول والعمل ، سنن الدارمي ١ : ١٤٦ / ٥٤٥ ، باب البلاغ عن رسول الله وتعليم السنن ، الطبقات الكبرى ٢ : ٢٥٤ ، باب أهل العلم والفتوى ، سير اعلام النبلاء ٢ : ٦٤.