وعليه فتوثيق « فقه الإمامية من الصحاح والسنن العامية » ليس بالشيء العسير كما يتصور البعض ، وإنا لو وفقنا إلى تطبيق هذه النظرية بحذافيرها لخرجنا مما نحن عليه من الاتهـام ، وادخلنا فقهنا إلى حيّز يقبله الجميع ، ومنه يخرج فقهنا من اطاره الطائفي ـ كما يقولون ـ إلى حيز فقه اسلامي ، يجب على جميع المسلمين اتباعه والاقتداء به ؛ لأنّه مروي عن الصحابة بطرق صحيحة عندهم ، علاوة على انه مروي عندنا.
وإنّك لو راجعت الكتب الفقهية الخلافية لعرفت بأن ما نقول به قاله احد أئمة المذاهب الاربعة أو علمائهم ، وعلى اقل تقدير قالت به بعض المذاهب المنقرضة ، استناداً لتلك المرويات عندهم عن الصحابة والتابعين ، فترى تارة مالك يوافقنا واخرى ابا حنيفة ، وثالثة الشافعي وهكذا ، فيجب علينا التعرف على المذاهب التي توافقنا للنظر في أدلتهم التي اعتمدو عليها ، وكيفية ردهم لادلة المذاهب الاخرى المخالفة لهم ولنا ، فمثلاً القبض والارسال في الصلاة ، فالمالكية تبعاً لامامهم قالو بكراهة وضع اليدين (١) أحدهما على الاخرى ، بل في الاستذكار (٢) ان الإمام مالك قطع بأن السنة هي ارسال اليدين ، وهؤلاء ردوا ما استدل به الاخرون على القبض ،
_________________________________
(١) بداية المجتهد ١ : ١٩٢ ( المسألة الخامسة وانظر رسالة مختصرة في الفيض للدكتور عبدالحميد بن المبارك ).
(٢) الاستذكار لابن عبدالبر ٢ : ٢٩١ وانظر بدائع الصنائع ١ : ٢٠١.