الإنساني إلا على أساسه وإماطة مظلمة الاستخدام والاستثمار ، وقد صرح به الكتاب العزيز وسار به النبي صلىاللهعليهوآله في سيرته الشريفة ، ولو لا أن البحث بحث قرآني لذكرنا لك طرفا من قصصه عليه أفضل الصلاة والسلام في ذلك ، وعليك بالرجوع إلى الكتب المؤلفة في سيرته وتاريخ حياته.
وإذا قايست بين ما جرت عليه سنة الإسلام من احترام العهد وما جرت عليه سنن الأمم المتمدنة وغير المتمدنة ولا سيما ما نسمعه ونشاهده كل يوم من معاملة الأمم القوية مع الضعيفة في معاهداتهم ومعاقداتهم وحفظها لها ما درت لهم أو استوجبته مصالح دولتهم ونقضها بما يسمى عذرا وجدت الفرق بين السنتين في رعاية الحق وخدمة الحقيقة.
ومن الحري بالدين ذاك وبسننهم ذلك فإنما هناك منطقان : منطق يقول : إن الحق تجب رعايته كيفما كان وفي رعايته منافع المجتمع ، ومنطق يقول : إن منافع الأمة تجب رعايتها بأي وسيلة اتفقت وإن دحضت الحق ، وأول المنطقين منطق الدين ، وثانيهما منطق جميع السنن الاجتماعية الهمجية أو المتمدنة من السنن الاستبدادية والديموقراطية والشيوعية وغيرها.
وقد عرفت مع ذلك أن الإسلام في عزيمته في ذلك لا يقتصر على العهد المصطلح بل يعمم حكمه إلى كل ما بني عليه بناء ويوصي برعايته ولهذا البحث أذيال ستعثر عليها في مستقبل الكلام إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : « أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ » (إلخ) الإحلال هو الإباحة والبهيمة اسم لكل ذي أربع من دواب البر والبحر على ما في المجمع ، وعلى هذا فإضافة البهيمة إلى الأنعام من قبيل إضافة النوع إلى أصنافه كقولنا : نوع الإنسان وجنس الحيوان ، وقيل : البهيمة جنين الأنعام ، وعليه فالإضافة لامية. وكيف كان فقوله « أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ » أي الأزواج الثمانية أي أكل لحومها ، وقوله « إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ » إشارة إلى ما سيأتي من قوله : « حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ » (الآية).
وقوله « غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ » حال من ضمير الخطاب في قوله « أُحِلَّتْ لَكُمْ »