ومفاده حرمة هذا الذي أحل إذا كان اصطياده في حال الإحرام ، كالوحشي من الظباء والبقرة والحمر إذا صيدت ، وربما قيل : إنه حال من قوله « أَوْفُوا » أو حال من ضمير الخطاب في قوله « يُتْلى عَلَيْكُمْ » والصيد مصدر بمعنى المفعول ، كما أن الحرم بضمتين جمع الحرام بمعنى المحرم اسم فاعل.
قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً » خطاب مجدد للمؤمنين يفيد شدة العناية بحرمات الله تعالى.
والإحلال هو الإباحة الملازمة لعدم المبالاة بالحرمة والمنزلة ، ويتعين معناه بحسب ما أضيف إليه : فإحلال شعائر الله عدم احترامها وتركها ، وإحلال الشهر الحرام عدم حفظ حرمته والقتال فيه ، وهكذا.
والشعائر جمع شعيرة وهي العلامة ، وكان المراد بها أعلام الحج ومناسكه. والشهر الحرام ما حرمه الله من شهور السنة القمرية وهي : المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة.
والهدي ما يساق للحج من الغنم والبقر والإبل. والقلائد جمع قلادة ، وهي ما يقلد به الهدي في عنقه من نعل ونحوه ليعلم أنه هدي للحج فلا يتعرض له. والآمين جمع آم اسم فاعل من أم إذا قصد ، والمراد به القاصدون لزيارة البيت الحرام. وقوله « يَبْتَغُونَ فَضْلاً » ، حال من « آمِّينَ » والفضل هو المال ، أو الربح المالي فقد أطلق عليه في قوله تعالى « فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ » : ( آل عمران : ١٧٤ ) وغير ذلك أو هو الأجر الأخروي أو الأعم من المال والأجر.
وقد اختلفوا في تفسير الشعائر والقلائد وغيرهما من مفردات الآية على أقوال شتى ، والذي آثرنا ذكره هو الأنسب لسياق الآية ، ولا جدوى في التعرض لتفاصيل الأقوال.
قوله تعالى : « وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا » أمر واقع بعد الحظر لا يدل على أزيد من الإباحة بمعنى عدم المنع ، والحل والإحلال ـ مجردا ومزيدا فيه ـ بمعنى وهو الخروج من الإحرام.
قوله تعالى : « وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا » يقال : جرمه يجرمه أي حمله ، ومنه الجريمة للمعصية لأنها محمولة من حيث وبالها ، وللعقوبة