فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ » : ( الحجرات : ٩ ).
على أنها جميعا تفسر قوله تعالى في القصة حكاية عن هابيل : « لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ » بأن المراد تمكين هابيل لأخيه في قتله وتركه الدفاع ، وقد عرفت ما فيه.
ومما يوجب سوء الظن بها أنها مروية عن أناس قعدوا في فتنة الدار وفي حروب علي عليهالسلام مع معاوية والخوارج وطلحة والزبير ، فالواجب توجيهها بوجه إن أمكن وإلا فالطرح.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن عساكر عن علي : أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : بدمشق جبل يقال له : « قاسيون » فيه قتل ابن آدم أخاه.
أقول : والرواية لا بأس بها غير أن ابن عساكر روى بطريق عن كعب الأحبار أنه قال : إن الدم الذي على جبل قاسيون هو دم ابن آدم ، وبطريق آخر عن عمرو بن خبير الشعباني قال : كنت مع كعب الأحبار على جبل دير المران فرأى لجة سائلة في الجبل فقال : هاهنا قتل ابن آدم أخاه ، وهذا أثر دمه جعله الله آية للعالمين.
والروايتان تدلان على أنه كان هناك أثر ثابت يدعى أنه دم هابيل المقتول ، ويشبه أن يكون ذلك من الأمور الخرافية التي ربما وضعوها لصرف وجوه الناس إليها بالزيارة وإيتاء النذور وإهداء الهدايا نظير آثار الأكف والأقدام المعمولة على الأحجار وقبر الجدة وغير ذلك.
وفي الدر المنثور ، أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ـ لأنه أول من سن القتل.
أقول : وقد روي هذا المعنى من طرق أهل السنة والشيعة بغير هذا الطريق.
وفي الكافي ، بإسناده عن حمران قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام ، ما معنى قول الله عز وجل « مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ ـ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ ـ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً »؟ ـ قال : قلت : وكيف فكأنما قتل الناس جميعا ـ وإنما قتل