فإنه ظاهر في أن التوبة إنما هي من المحاربة دون الشرك ونحوه.
فالمراد بالمحاربة والإفساد على ما هو الظاهر هو الإخلال بالأمن العام ، والأمن العام إنما يختل بإيجاد الخوف العام وحلوله محله ، ولا يكون بحسب الطبع والعادة إلا باستعمال السلاح المهدد بالقتل طبعا ولهذا ورد فيما ورد من السنة تفسير الفساد في الأرض بشهر السيف ونحوه ، وسيجيء في البحث الروائي التالي إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : « أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا » (إلخ) التقتيل والتصليب والتقطيع تفعيل من القتل والصلب والقطع يفيد شدة في معنى المجرد أو زيادة فيه ، ولفظة « أَوْ » إنما تدل على الترديد المقابل للجمع ، وأما الترتيب أو التخيير بين أطراف الترديد فإنما يستفاد أحدهما من قرينة خارجية حالية أو مقالية فالآية غير خالية عن الإجمال من هذه الجهة.
وإنما تبينها السنة وسيجيء أن المروي عن أئمة أهل البيت عليهالسلام أن الحدود الأربعة مترتبة بحسب درجات الإفساد كمن شهر سيفا فقتل النفس وأخذ المال أو قتل فقط أو أخذ المال فقط أو شهر سيفا فقط على ما سيأتي في البحث الروائي التالي إن شاء الله.
وأما قوله : « أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ » فالمراد بكونه من خلاف أن يأخذ القطع كلا من اليد والرجل من جانب مخالف لجانب الأخرى كاليد اليمنى والرجل اليسرى ، وهذا هو القرينة على كون المراد بقطع الأيدي والأرجل قطع بعضها دون الجميع أي إحدى اليدين وإحدى الرجلين مع مراعاة مخالفة الجانب.
وأما قوله : « أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ » فالنفي هو الطرد والتغييب وفسر في السنة بطرده من بلد إلى بلد.
وفي الآية أبحاث أخر فقهية تطلب من كتب الفقه.
قوله تعالى : « ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ » الخزي هو الفضيحة ، والمعنى ظاهر.
وقد استدل بالآية على أن جريان الحد على المجرم لا يستلزم ارتفاع عذاب الآخرة ، وهو حق في الجملة.
قوله تعالى : « إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ » (إلخ) وأما بعد القبض