الله النازل إليهم والحق الذي علموا أنه حق ، ويمكن أن يكون في مقام النتيجة اللازمة لما بين في جميع الآيات السابقة.
والمعنى : وإذا كانت هذه الأحكام والشرائع حقة نازلة من عند الله ولم يكن وراءها حكم حق لا يكون دونها إلا حكم الجاهلية الناشئة عن اتباع الهوى فهؤلاء الذين يتولون عن الحكم الحق ما ذا يريدون بتوليهم وليس هناك إلا حكم الجاهلية؟ أفحكم الجاهلية يبغون والحال أنه ليس أحد أحسن حكما من الله لهؤلاء المدعين للإيمان؟
فقوله : « أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ » استفهام توبيخي ، وقوله : « وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً » استفهام إنكاري أي لا أحد أحسن حكما من الله ، وإنما يتبع الحكم لحسنه ، وقوله : « لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ » في أخذ وصف اليقين تعريض لهم بأنهم إن صدقوا في دعواهم الإيمان بالله فهم يوقنون بآياته ، والذين يوقنون بآيات الله ينكرون أن يكون أحد أحسن حكما من الله سبحانه.
واعلم أن في الآيات موارد من الالتفات من التكلم وحده أو مع الغير إلى الغيبة وبالعكس كقوله : « إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ » ثم قوله : « إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ » ثم قوله : « بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ » ثم قوله : « وَاخْشَوْنِ » وهكذا ، فما كان منها يختار فيه الغيبة بلفظ الجلالة فإنما يراد به تعظيم الأمر بتعظيم صاحبه.
وما كان منها بلفظ المتكلم وحده فيراد به أن الأمر إلى الله وحده لا يداخله ولي ولا يشفع فيه شفيع ، فإذا كان ترغيبا أو وعدا فإنما القائم به هو الله سبحانه ، وهو أكرم من يفي بوعده ، وإذا كان تحذيرا أو إيعادا فهو أشد وأشق ولا يصرف عن الإنسان بشفيع ولا ولي إذ الأمر إلى الله نفسه وقد نفي كل واسطة ورفع كل سبب متخلل فافهم ذلك ، وقد مر بعض الكلام فيه في بعض المباحث السابقة.
( بحث روائي )
في المجمع في قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ » (الآية) عن الباقر عليهالسلام : أن امرأة من خيبر ذات شرف بينهم زنت مع رجل من أشرافهم وهما محصنان ، فكرهوا رجمهما ، فأرسلوا إلى يهود المدينة وكتبوا إليهم أن يسألوا النبي عن ذلك طمعا في أن يأتي لهم برخصة فانطلق قوم منهم كعب بن الأشرف وكعب بن أسيد وشعبة بن عمرو ومالك بن الصيف وكنانة بن أبي الحقيق وغيرهم فقالوا : يا محمد