والخطإ ، والدين الإلهي كما لا يتم من دون هذا لا يتم من دون ذاك.
فثبت أن هناك منزلة بين منزلتي الأنبياء والأحبار ، وهي منزلة الأئمة وقد أخبر به الله سبحانه في قوله : « وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ » : ( السجدة : ٢٤ ) ولا ينافيه قوله : « وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا » : ( الأنبياء : ٧٣ ) فإن اجتماع النبوة والإمامة في جماعة لا ينافي افتراقهما في غيرهم ، وقد تقدم شطر من الكلام في الإمامة في قوله تعالى : « وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ » الآية : ( البقرة : ١٢٤ ) في الجزء الأول من الكتاب.
وبالجملة للربانيين والأئمة وهم البرازخ بين الأنبياء والأحبار العلم بحق الكتاب والشهادة عليه بحق الشهادة.
وهذا في الربانيين والأئمة من بني إسرائيل لكن الآية تدل على أن ذلك لكون التوراة كتابا منزلا من عند الله سبحانه مشتملا على هدى ونور أي المعارف الاعتقادية والعملية التي تحتاج إليها الأمة ، وإذا كان ذلك هو المستدعي لهذا الاستحفاظ والشهادة للذين لا يقوم بهما إلا الربانيون والأئمة كان هذا حال كل كتاب منزل من عند الله مشتمل على معارف إلهية وأحكام عملية وبذلك يثبت المطلوب.
فقوله عليهالسلام : « فهذه الأئمة دون الأنبياء » أي هم أخفض منزلة من الأنبياء بحسب الترتيب المأخوذ في الآية كما أن الأحبار ـ وهم العلماء ـ دون الربانيين ، وقوله : « يربون الناس بعلمهم » ظاهر في أنه عليهالسلام أخذ لفظ الرباني من مادة التربية دون الربوبية ، وقد اتضح معاني بقية فقرات الرواية بما قدمناه من محصل المعنى.
ولعل هذا المعنى هو مراده عليهالسلام فيما رواه العياشي أيضا عن مالك الجهني قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : « إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ ـ إلى قوله ـ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ » قال : فينا نزلت.
وفي تفسير البرهان في قوله تعالى : « وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ » : عن الكافي ، بإسناده عن عبد الله بن مسكان رفعه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من حكم في درهمين بحكم جور ـ ثم جبر عليه كان من أهل هذه الآية : « وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ » فقلت : وكيف يجبر عليه؟ فقال : يكون له سوط وسجن فيحكم عليه ـ فإن رضي بحكمه وإلا ضربه بسوطه وحبسه في سجنه.