وتلا هذه الآية.
وروى أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بالإسناد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : يرد إلى قوم من أصحابي يوم القيامة فيحلون عن الحوض ـ فأقول : يا رب أصحابي ، أصحابي ـ فيقال : إنك لا تدري بما أحدثوا من بعدك ـ إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى ، انتهى.
وهذا الذي ذكره إنما يتم فيه عليهالسلام ولا ريب في أنه أفضل مصداق لما سرد في الآية من الأوصاف لكن الشأن في انطباق الآية على عامة من معه من أهل الجمل وصفين وقد غير كثير منهم بعد ذلك ، وقد وقع قوله تعالى : « يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ » (إلخ) في الآية بغير استثناء ، وقد عرفت معناه.
وفيه أيضا. وروي : أن النبي صلىاللهعليهوآله سئل عن هذه الآية فضرب بيده على عاتق سلمان فقال : هذا وذووه ، ثم قال : لو كان الدين معلقا بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس.
أقول : والكلام فيه كالكلام في سابقه إلا أن يراد أنهم سوف يبعثون من قومه.
وفيه ، وقيل : هم أهل اليمن هم ألين قلوبا ، وأرق أفئدة ، الإيمان يماني ، والحكمة يمانية ، وقال عياض بن غنم الأشعري : لما نزلت هذه الآية ـ أومأ رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى أبي موسى الأشعري ـ فقال : هم قوم هذا.
أقول : وروي هذا المعنى في الدر المنثور ، بعدة طرق ، والكلام فيه كالكلام في سابقه.
وفي تفسير الطبري ، بإسناده عن قتادة قال: أنزل الله هذه الآية وقد علم أنه سيرتد مرتدون من الناس ـ فلما قبض الله نبيه محمدا صلىاللهعليهوآله ـ ارتد عامة العرب عن الإسلام ـ إلا ثلاثة مساجد أهل المدينة ـ وأهل مكة وأهل البحرين قالوا : نصلي ولا نزكي والله لا تغصب أموالنا ، فكلم أبو بكر في ذلك فقيل لهم : (١) إنهم لو قد فقهوا لهذا أعطوها وزادوها فقال : لا والله لا أفرق بين شيء جمع الله بينه ، ولو منعوا عقالا مما فرض الله ورسوله لقاتلناهم عليه ، فبعث الله عصابة مع أبي بكر ـ فقاتل على ما قاتل عليه نبي الله ص ـ حتى سبى وقتل وحرق بالنيران أناسا ـ ارتدوا عن الإسلام ومنعوا الزكاة ـ فقاتلهم حتى أقروا بالماعون ـ وهي الزكاة ـ صغرة أقمياء ، الحديث.
أقول : ورواه في الدر المنثور ، عن عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ
__________________
(١) له ( ظ ).