ليدخلوهم حصونهم ـ فبعث النبي صلىاللهعليهوآله أبا لبابة بن عبد المنذر إليهم ـ أن يستنزلهم من حصونهم ـ فلما أطاعوا له بالنزول ـ أشار إلى حلقه بالذبح. وكان طلحة والزبير يكاتبان النصارى وأهل الشام ، وبلغني أن رجالا من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله ـ كانوا يخافون العوز والفاقة ـ فيكاتبون اليهود من بني قريظة والنضير ـ فيدسون إليهم الخبر من النبي صلىاللهعليهوآله ـ يلتمسون عندهم القرض والنفع فنهوا عن ذلك.
أقول : والرواية لا بأس بها وهي تفسر الولاية في الآيات بولاية المحبة والمودة وقد تقدم تأييد ذلك ، وهي إن كانت سببا للنزول حقيقيا فالآيات مطلقة تجري في غير القصة كما نزلت وجرت فيها ، وإن كانت من الجري والتطبيق فالأمر أوضح.
وفي المجمع في قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ ـ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ » (الآية) قال : وقيل : هم أمير المؤمنين علي عليهالسلام وأصحابه ـ حين قاتل من قاتله من الناكثين والقاسطين والمارقين ، وروي ذلك عن عمار وحذيفة وابن عباس ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.
أقول : قال في المجمع ، بعد ذكر الرواية : ويؤيد هذا القول أن النبي وصفه بهذه الصفات المذكورة في الآية فقال فيه وقد ندبه لفتح خيبر بعد أن رد عنها حامل الراية إليه مرة بعد أخرى وهو يجبن الناس ويجبنونه ـ : « لأعطين الراية غدا رجلا ـ يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ـ كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يده » ثم أعطاها إياه.
فأما الوصف باللين على أهل الإيمان ، والشدة على الكفار والجهاد في سبيل الله مع أنه لا يخاف فيه لومة لائم فمما لا يمكن أحدا دفع علي عليهالسلام عن استحقاق ذلك لما ظهر من شدته على أهل الشرك والكفر ونكايته فيهم ، ومقاماته المشهورة في تشييد الملة ونصرة الدين ، والرأفة بالمؤمنين.
ويؤيد ذلك أيضا
إنذار رسول الله صلىاللهعليهوآله قريشا بقتال علي عليهالسلام لهم من بعده حيث جاء سهيل بن عمرو في جماعة منهم فقالوا : يا محمد إن أرقائنا لحقوا بك فارددهم إلينا فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لتنتهن يا معاشر قريش ـ أو ليبعثن الله عليكم رجلا ـ يضربكم على تأويل القرآن كما ضربتكم على تنزيله ، فقال له بعض أصحابه : من هو يا رسول الله؟ أبو بكر؟ قال : لا ، ولكنه خاصف النعل في الحجرة ، وكان علي عليهالسلام يخصف نعل رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وروي عن علي عليهالسلام أنه قال يوم البصرة : والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم ،