وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ـ إلى أن بلغ إلى قوله ـ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ».
وفيه ، أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: آمن عبد الله بن أبي بن سلول قال : إن بيني وبين بني قريظة والنضير حلفا ، وإني أخاف الدوائر فارتد كافرا ، وقال عبادة بن الصامت : أبرأ إلى الله من حلف قريظة والنضير ـ وأتولى الله ورسوله والمؤمنين.
فأنزل الله : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ ـ إلى قوله ـ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ » يعني عبد الله بن أبي وقوله : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ـ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ـ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » يعني عبادة بن الصامت وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله. قال : « وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ ـ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ ـ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ ».
أقول : ورويت القصة بغير هذه الطرق ، وقد تقدم أن هذه الأسباب أسباب تطبيقة اجتهادية ، وفيها أمارات تدل على ذلك ، كيف والآيات تذكر النصارى مع اليهود ، ولم يكن في قصة بني قينقاع وما جرى بين المسلمين وبين بني قريظة والنضير للنصارى إصبع ، ولا للمسلمين معهم شأن؟ ومجرد ذكرهم تطفلا واطرادا مما لا وجه له ، وفي القرآن آيات متعرضة لحال اليهود في الوقائع التي جرت بينهم وبين المسلمين وما داخل فيه المنافقون من أعمالهم خص فيه اليهود بالذكر ولم يذكر فيه النصارى كما في سورة الحشر وغيرها ، فما بال الاطراد والتطفل يجري حكمهما هاهنا ولا يجري هناك.
على أن الرواية تذكر الآيات النازلة في عبادة بن الصامت وعبد الله بن أبي سبع عشرة آية ( آية : ٥١ ـ ٦٧ ) ولا اتصال بينها حتى تنزل دفعة ( أولا ) ، وفيها آية : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ » وقد تواترت روايات الخاصة والعامة على أنها نزلت في علي عليهالسلام ( ثانيا ) ، وفيها آية : « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ » ولا ارتباط لها مع القصة البتة ( ثالثا ).
فليس إلا أن الراوي أخذ قصة عبادة وعبد الله ثم وجد الآيات تناسبها بعض المناسبة فطبقها عليها ثم لم يحسن التطبيق فوضع سبع عشرة آية مكان ثلاث آيات بمناسبة تعرضها لحال أهل الكتاب.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة: في قوله : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ـ لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ ـ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ » في بني قريظة إذ غدروا ونقضوا العهد بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ في كتابهم إلى أبي سفيان بن حرب يدعونهم ـ وقريشا