لا يهلكهم بالسنين وأن لا يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض ، وفي بعضها أنها أن لا يظهر عليهم عدوا من غيرهم وأن لا يهلكهم بغرق وأن لا يجعل بأسهم بينهم ، وفي بعضها أنها أن لا يهلكهم بما أهلك به من قبلهم وأن لا يظهر عليهم عدوا من غيرهم وأن لا يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض ، وفي بعضها أنها العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم وأن يلبسهم شيعا وأن يذيق بعضهم بأس بعض.
على أن في كثير منها أن دعاءه صلىاللهعليهوآله كان في حرة بني معاوية قرية من قرى الأنصار بالعالية ولازمه كونه بعد الهجرة وسورة الأنعام من السور النازلة بمكة قبل الهجرة دفعة ، وفي الروايات اختلافات أخرى تظهر لمن راجعها.
وإن كان ولا بد من أخذ شيء من الروايات فالوجه هو اختيار ما رواه عن عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن شداد بن أوس يرفعه إلى النبي صلىاللهعليهوآله قال : إن الله زوي لي الأرض ـ حتى رأيت مشارقها ومغاربها ، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها ، وإني أعطيت الكنزين : الأحمر والأبيض ، وإني سألت ربي أن لا يهلك قومي بسنة عامة ـ وأن لا يلبسهم شيعا ـ ولا يذيق بعضهم بأس بعض ، فقال : يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد ، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة ـ ولا أسلط عليهم عدوا من سواهم فيهلكوهم ـ حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ـ وبعضهم يقتل بعضا ، وبعضهم يسبي بعضا ـ.
فقال النبي صلىاللهعليهوآله : إني أخاف على أمتي الأئمة المضلين ـ فإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة.
فهذه الرواية وما في مضمونها خالية عن غالب الإشكالات السابقة ، وليس فيها أن الدعاء كان إثر نزول الآية ، وينبغي مع ذلك أن يحمل على أن المراد رفع الهلاك العام والسنة العامة التي تبيد الأمة ، وإلا فالسنين والمثلات والمقاتل الذريعة التي لقيتها الأمة في حروب المغول والصليب وبأندلس وغيرها مما لا سبيل إلى إنكارها ، وينبغي أيضا أن تحمل على أن الدعاء والمسألة كان في أوائل البعثة قبل نزول السورة وإلا فالنبي صلىاللهعليهوآله أعلم بمقام ربه وأجل قدرا من أن يتلقى هذه الآيات بالوحي ثم يراجع ربه في تغيير ما قضى به وأمره بتبليغه وإنذار أمته به.