وغير ذلك فرفعه تعالى من يشاء من عباده درجات من الرفع هو تخصيصه بكمالات معنوية وفضائل حقيقية في الخيرات الكسبية كالعلم والتقوى وغير الكسبية كالنبوة والرسالة والرزق وغيرها.
والدرجات لكونها نكرة في سياق الإيجاب مهملة غير مطلقة غير أن المتيقن من معناها بالنظر إلى خصوص المورد هو درجات العلم والهداية فقد رفع الله إبراهيم عليهالسلام بهدايته وإراءته ملكوت السماوات والأرض وإيتائه اليقين والحجة القاطعة ، والجميع من العلم ، وقد قال تعالى في درجات العلم : « يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ » : ( المجادلة : ١١ ).
ثم ختم الآية بقوله : « إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ » لتثبيت أن ذلك كله كان بحكمة منه تعالى وعلم كما أن الحجج التي آتاها رسول الله صلىاللهعليهوآله المذكورة في السورة قبل هذه الحجة من حكمته وعلمه تعالى ، وفي الكلام التفات من التكلم إلى الغيبة لتطييب قلب النبي صلىاللهعليهوآله وتثبيت المعارف المذكورة فيه.
( بحث روائي )
في العيون : ، حدثنا نعيم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال : حدثنا أبي عن حمدان بن سليمان النيشابوري عن علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليهالسلام ـ فقال له المأمون : يا بن رسول الله ـ أليس من قولك إن الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال : فسأله عن آيات من القرآن فيه ـ فكان فيما سأله أن قال له : فأخبرني عن قول الله عز وجل في إبراهيم : « فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي ».
فقال الرضا عليهالسلام : إن إبراهيم وقع إلى ثلاثة أصناف : صنف يعبد الزهرة ، وصنف يعبد القمر ، وصنف يعبد الشمس ـ وذلك حين خرج من السرب الذي أخفي فيه فلما جن عليه الليل رأى الزهرة قال : ( هذا رَبِّي ) على الإنكار والاستخبار ـ فلما أفل الكوكب قال : ( لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ) ـ لأن الأفول من صفات المحدث لا من صفات القديم ـ فلما رأى القمر بازغا قال : ( هذا رَبِّي ) على الإنكار والاستخبار فلما أفل قال : ( لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي