الشريك لله سبحانه ، وإنما لم يصرح بذلك ليرتفع به غائلة ذكر الخاص بعد العام لأن الغرض في المقام ـ كما تقدم ـ هو الدعوة إلى الأخذ بالنصفة والتجافي عن عصبية الجاهلية فلم يصرح بالمقصود وإنما أبهم إبهاما لئلا يتحرك بذلك عرق العصبية ولا يتنبه داعي النخوة.
فقوله : « مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً » وقوله : « أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ » متباينان من حيث المراد وإن كانا بحسب ظاهر ما يتراءى منهما أعم وأخص.
ويدل على ما ذكرنا ما في ذيل الآية من حديث التهديد بالعذاب والسؤال عن الشركاء والشفعاء.
وأما ما قيل : إن قوله : « أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ » نزل في مسيلمة حيث ادعى النبوة فسياق الآيات كما عرفت لا يلائمه بل ظاهره أن المراد به نفسه وإن كان الكلام مع الغض عن ذلك أعم.
على أن سورة الأنعام مكية ودعواه النبوة من الحوادث التي وقعت بعد الهجرة إلا أن هؤلاء يرون أن الآية مدنية غير مكية وسيأتي الكلام في ذلك في البحث الروائي التالي إن شاء الله.
وأما قوله : « وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ » فظاهره أنه حكاية قول واقع ، وأن هناك من قال : سأنزل مثل ما أنزل الله ، وأنه إنما قاله استهزاء بالقرآن الكريم حيث نسبه إلى الله سبحانه بالنزول ثم وعد الناس مثله بالإنزال ، ولم يقل : سأقول مثل ما قاله محمد أو سآتيكم بمثل ما أتاكم به.
ولذا ذكر بعض المفسرين أنه إشارة إلى قول من قال من المشركين : « لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ».
وقال آخرون : إن الآية إشارة إلى قول عبد الله بن سعد بن أبي سرح : إني أنزل مثل ما أنزل الله والآية مدنية ، ومنهم من قال غير ذلك كما سيجيء إن شاء الله في البحث الروائي ، والآية ليست ظاهرة الانطباق على شيء من ذلك فإنها تتضمن الوعد بأمر مستقبل ، وقولهم : لو نشاء لقلنا « إلخ » كلام مشروط وكذا قول عبد الله ـ إن صحت الرواية ـ إخبار