لم يؤمن بذلك فلم يؤمن بالله حق قدره. « إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ » يعني من بني إسرائيل قالت اليهود : يا محمد أنزل الله عليك كتابا؟ قال نعم ، قالوا : والله ما أنزل الله من السماء كتابا ، فأنزل الله : ( قُلْ ) يا محمد ( مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى ـ نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ ـ إلى قوله ـ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ ) أنزله.
أقول : والمعنى الذي في صدر الرواية تقدم في البيان السابق أنه خلاف ظاهر الآية بل الظاهر أن الذين قالوا : ( ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ) ، هم الذين لم يقدروا الله سبحانه حق قدره.
وفيه ، أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي" : في قوله : « إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ » قال : قال فنحاص اليهودي : ما أنزل الله على محمد من شيء.
أقول : واختلاف الحاكي والمحكي يفسد المعنى ، واحتمال النقل بالمعنى مع هذا الاختلاف الفاحش لا مسوغ له.
وفيه ، أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الصيف ـ فخاصم النبي صلىاللهعليهوآله فقال له النبي : أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى ـ هل تجد في التوراة : أن الله يبغض الحبر السمين؟ وكان حبرا سمينا فغضب وقال : والله ما أنزل الله على بشر من شيء ، فقال له أصحابه : ويحك ولا على موسى؟ قال : ما أنزل الله على بشر من شيء ، فأنزل الله : « وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ » الآية.
وفيه ، أخرج ابن مردويه عن بريدة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أم القرى مكة.
وفي تفسير العياشي ، عن علي بن أسباط قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : لم سمي النبي الأمي؟ قال : نسب إلى مكة وذلك من قول الله : « لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها » وأم القرى مكة ، ومن حولها الطائف.
أقول : وعلى ما في الرواية يصير قوله : « لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها » من قبيل قوله : « وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ » : ( الشعراء : ٢١٤ ) ولا ينافي الأمر بإنذار طائفة خاصة عموم الرسالة لجميع الناس كما يدل عليه أمثال قوله : « لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ » : ( الأنعام : ١٩ ) وقوله : « إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ » : ( الأنعام : ٩٠ ) وقوله : « قُلْ