ما كذب فؤاد محمد ما رأته عيناه ـ ثم أخبر بما رأى فقال : « لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى » فآيات الله غير الله وقد قال الله : « وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً » فإذا رأته الأبصار فقد أحاط به العلم ووقعت المعرفة.
فقال أبو قرة : فتكذب بالروايات؟ فقال الرضا عليهالسلام : إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها ، وما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علما ، ولا تدركه الأبصار ، وليس كمثله شيء.
أقول : وهذا المعنى وارد في أخبار أخر مروية عنهم عليهالسلام ، وهناك روايات أخر تثبت الرؤية بمعنى آخر أدق يليق بساحة قدسه تعالى سنوردها إن شاء الله في تفسير سورة الأعراف ، وإنما شدد النكير على الرؤية في هذه الرواية لما أن المشهور من إثبات الرؤية في عصرهم كان هو إثبات الرؤية الجسمانية بالبصر الجسماني التي ينفيها صريح العقل ونص الكتاب ففي تفسير الطبري ، عن عكرمة عن ابن عباس قال : إن النبي صلىاللهعليهوآله رأى ربه ـ فقال له رجل عند ذلك : أليس قال الله : لا تدركه الأبصار؟ فقال له عكرمة : ألست ترى السماء؟ قال بلى ، قال : فكلها ترى؟ إلى غير ذلك من الأخبار.
والذي تثبته من الرؤية صريح الرؤية الجسمانية بالعضو الباصر ، وقد نفاها العقل والنقل ، وقد فات عكرمة أن لو كان المراد بقوله « لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ » هو نفي الإحاطة بجميع أقطار الشيء لم يكن وجه لاختصاصه به تعالى فإن شيئا من الأشياء الجسمانية ولها سطوح مختلفة الجهات كالإنسان والحيوان وسائر الأجسام الأرضية والأجرام السماوية لا يمس الحس الباصر منها إلا ما يواجه الشعاع الدائر بين الباصر والمبصر على ما تعينه قوانين الإبصار المدونة في أبحاث المناظر والمرايا.
فإنا إذا أبصرنا إنسانا مثلا فإنما نبصر منه بعض السطوح الكثيرة المحيطة ببدنه من فوق وتحت والقدام والخلف واليمين واليسار مثلا ، ومن المحال أن يقع البصر على جميع ما يحيط به من مختلف السطوح فلو كان المراد من قوله : « لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ » نفي هذا السنخ من الإدراك البصري المحال فيه وفي غيره كان كلاما لا محصل له.
وفي التوحيد ، بإسناده عن إسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام ـ عن الله تبارك وتعالى هل يرى في المعاد؟ فقال : سبحان الله وتعالى