المخلصين وهم الذين أخلصهم الله لنفسه فلا يشاركه فيهم شيء فلا يطيعون غيره من تسويل شيطان أو تزيين نفس أو أي داع يدعو من دون الله سبحانه.
وقوله : « إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ » في مقام التعليل لقوله : « كَذلِكَ لِنَصْرِفَ » « إلخ » والمعنى : عاملنا يوسف كذلك لأنه من عبادنا المخلصين ، وهم يعاملون هذه المعاملة.
ويظهر من الآية أن من شأن المخلصين من عباد الله أن يروا برهان ربهم ، وإن الله سبحانه يصرف كل سوء وفحشاء عنهم فلا يقترفون معصية ولا يهمون بها بما يريهم الله من برهانه ، وهذه هي العصمة الإلهية.
ويظهر أيضا أن هذا البرهان سبب علمي يقيني لكن لا من العلوم المتعارفة المعهودة لنا.
وللمفسرين من العامة والخاصة في تفسير الآية أقوال مختلفة :
١ ـ منها : ما ذكره بعضهم ونسب إلى ابن عباس ومجاهد وقتادة وعكرمة والحسن وغيرهم : أن المعنى أنها همت بالفاحشة وأنه هم بمثله لو لا أن رءا برهان ربه لفعل.
وقد وصفوا همه عليهالسلام بما يجل عنه مقام النبوة ويتنزه عنه ساحة الصديق فذكروا أنه قصدها بالفاحشة ودنا منها حتى حل السراويل وجلس منها مجلس الخاتن فأدركه برهان من ربه أبطل الشهوة ونجاة من الهلكة ، وذكروا في وصف هذا البرهان أمورا كثيرة مختلفة.
قال الغزالي في تفسيره لهذه السورة : اختلفوا فيه ـ يعني في البرهان ـ ما هو؟ قال بعضهم : إن طائرا وقع على كتفه فقال في أذنه : لا تفعله فإن فعلت سقطت من درجة الأنبياء. وقيل : إنه رأى يعقوب عاضا على إصبعه ، وهو يقول : يا يوسف أما تراني : وقال الحسن البصري : رآها وهي تغطي شيئا فقال لها : ما تصنعين؟ قالت : أغطي وجه صنمي لئلا يراني فقال يوسف : أنت تستحيين الجماد الذي لا يعقل ولا يرى فأنا أولى أن أستحيي ممن يراني ويعلم سري وعلانيتي.
قال أرباب اللسان : إنه نودي في سره يا يوسف اسمك مكتوب في ديوان الأنبياء ،