صريح العقل ومحكم الكتاب فلعبت بأحلامهم الإسرائيليات وما يلحق بها من الأخبار الموضوعة المدسوسة ، وأنستهم كل حق وحقيقة وصرفتهم عن المعارف الحقيقية.
ولذلك تراهم لا يرون لمعارف الدين محتدا وراء الحس ، ولا للمقامات المعنوية الإنسانية كالنبوة والولاية والعصمة والإخلاص أصلا إلا الوضع والاعتبار نظائر المقامات الوهمية الاعتبارية الدائرة في مجتمع الإنسان الاعتباري التي ليست لها وراء التسمية والمواضعة حقيقة تتكئ عليها وتطمئن إليها.
فيقيسون نفوس الأنبياء الكرام على سائر النفوس العامية التي تنقلب بين الأهواء وبلغت بها الجهالة والخساسة فإن ارتقت فإنما ترتقي إلى منزلة التقوى ورجاء الثواب وخوف العقاب تصيب كثيرا وتخطئ وإن لحقت بها عصمة إلهية في مورد أو موارد فإنما هي قوة حاجزة بين الإنسان والمعصية لا تعمل عملها إلا بإبطال سائر الأسباب والقوى التي جهز بها الإنسان وإلجاء الإنسان واضطراره إلى فعل الجميل واقتراف الحسنة ، ولا جمال لفعل ولا حسن لعمل ولا مدح لإنسان مع الإلجاء والاضطرار وللكلام تتمة سنوردها في بحث يختص به.
الثاني : ظاهر قوله تعالى : « وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ » بناء على ما ذكره النحاة أن جزاء « لَوْ لا » لا يتقدم عليها قياسا على إن الشرطية ، وعلى هذا يصير قوله « وَهَمَّ بِها » جملة تامة غير متعلقه بالشرط ، وجواب لو لا قولنا « لفعل » أو ما يشبه ذلك والتقدير : ولقد همت امرأة العزيز بيوسف وهم يوسف بها لو لا أن رءا برهان ربه لفعل ، وهو المطلوب.
وقد عرفت فساد ذلك وإن الجملتين معا أعني قوله : « ولقد همت به » وقوله : « وهم بها » قسميتان ، وإن جزاء لو لا في معنى الجملة الثانية حذف لدلالتها عليه ، والكلام على تقدير : وأقسم لقد همت به وأقسم لو لا أن رءا برهان ربه لهم بها نظير قولهم : والله لأضربنه إن ضربني.
على أن الذي قدروه من المعنى كان الأنسب به أن يقال : « ولو لا أن رءا برهان ربه » بالوصل ، ولا وجه ظاهرا من جهة السياق يوجه به الفصل.
٢ ـ ومن الأقوال في الآية أن المراد بهمه عليهالسلام ميل الطبع وانتزاع الغريزة قال في