وقد تقدم في بيان الآيات كلام في وجه التأخير ولقد أقبل يوسف عليهالسلام على إخوته حين عرفوه بالفتوة والكرامة من غير أن يجبههم بأدنى ما يسوؤهم ولازم ذلك أن يعفو عنهم ويستغفر لهم بلا مهل ولم يكن موقف يعقوب معهم حين ارتد إليه بصره بإلقاء القميص عليه ذاك الموقف.
وفي تفسير القمي ، حدثني محمد بن عيسى : أن يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد بن علي بن موسى مسائل ـ فعرضها على أبي الحسن ، وكان أحدها : أخبرني عن قول الله : « وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً » أسجد يعقوب وولده ليوسف وهم أنبياء؟.
فأجاب أبو الحسن عليهالسلام : أما سجود يعقوب وولده ليوسف فإنه لم يكن ليوسف ـ وإنما كان ذلك من يعقوب وولده طاعة لله وتحية ليوسف ـ كما كان السجود من الملائكة لآدم ولم يكن لآدم ـ وإنما كان ذلك منهم طاعة لله وتحية لآدم ـ فسجد يعقوب وولده ويوسف معهم شكرا لله تعالى لاجتماع شملهم ـ ألم تر أنه يقول في شكره ذلك الوقت : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ ـ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ـ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً ـ وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ). الحديث.
أقول : وقد تقدم بعض الكلام في سجدتهم ليوسف في بيان الآيات ، وظاهر الحديث أن يوسف أيضا سجد معهم كما سجدوا وقد استدل عليه بقول يوسف في شكره : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ ) « إلخ » وفي دلالته على ذلك إبهام.
وقد روى الحديث العياشي في تفسيره ، عن محمد بن سعيد الأزدي صاحب موسى بن محمد بن الرضا عليهالسلام : قال لأخيه : إن يحيى بن أكثم كتب إليه يسأله عن مسائل ـ فأخبرني عن قول الله : « وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً » أسجد يعقوب وولده ليوسف؟.
قال : فسألت أخي عن ذلك فقال : أما سجود يعقوب وولده ليوسف فشكرا لله تعالى لاجتماع شملهم ـ ألا ترى أنه يقول في شكر ذلك الوقت : « رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ ـ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ » الآية.
وما رواه العياشي أوفق بلفظ الآية وأسلم من الإشكال مما رواه القمي.
وفي تفسير العياشي ، عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام : في