باعتباره حجة شرعية لو أفاد شيئا من الاعتقاد فإنما يفيد الظن سواء في ذلك محصله ومنقوله على خلاف ما يزعمه كثير منهم أن الإجماع المحصل مفيد للقطع وذلك أن الذي يفيده الإجماع من الاعتقاد لا يزيد على مجموع الاعتقادات التي تفيدها آحاد الأقوال والواحد من الأقوال المتوافقة لا يفيد إلا الظن بإصابة الواقع ، وانضمام القول الثاني الذي يوافقه إليه إنما يفيد قوة الظن دون القطع لأن القطع اعتقاد خاص بسيط مغاير للظن وليس بالمركب من عدة ظنون.
وهكذا كلما انضم قول إلى قول وتراكمت الأقوال المتوافقة زاد الظن قوة وتراكمت الظنون واقتربت من القطع من غير أن تنقلب إليه كما تقدم ، هذا في المحصل من الإجماع وهو الذي نحصله بتتبع جميع الأقوال والحصول على كل قول قول ، وأما المنقول منه الذي ينقله الواحد والاثنان من أهل العلم والبحث فالأمر فيه أوضح فهو كآحاد الروايات لا يفيد إلا الظن إن أفاد شيئا من الاعتقاد.
فالإجماع حجة ظنية شرعية دليل اعتبارها عند أهل السنة مثلا قوله صلىاللهعليهوآله : ( لا تجتمع أمتي على خطإ أو ضلال ) وعند الشيعة دخول قول المعصوم في أقوال المجمعين أو كشف أقوالهم عن قوله بوجه.
فحجية الإجماع بالجملة متوقفة على صحة النبوة وذلك ظاهر ، وصحة النبوة اليوم متوقفة على سلامة القرآن من التحريف المستوجب لزوال صفات القرآن الكريمة عنه كالهداية وفصل القول وخاصة الإعجاز فإنه لا دليل حيا خالدا على خصوص نبوة النبي صلىاللهعليهوآله غير القرآن الكريم بكونه آية معجزة ، ومع احتمال التحريف بزيادة أو نقيصة أو أي تغيير آخر لا وثوق بشيء من آياته ومحتوياته أنه كلام الله محضا وبذلك تسقط الحجة وتفسد الآية ، ومع سقوط كتاب الله عن الحجية يسقط الإجماع عن الحجية.
ولا ينفع في المقام ما قدمناه في أول الكلام أن وجود القرآن المنزل على النبي صلىاللهعليهوآله فيما بأيدينا من القرآن في الجملة من ضروريات التاريخ.
وذلك لأن مجرد اشتمال ما بأيدينا منه على القرآن الواقعي لا يدفع احتمال زيادة أو نقيصة أو أي تغيير آخر في كل آية أو جملة أريد التمسك بها لإثبات مطلوب.