وبعث بها إلى الأمصار وبعث بمصحف إلى الكوفة ومصحف إلى البصرة ومصحف إلى المدينة ومصحف إلى مكة ومصحف إلى مصر ومصحف إلى الشام ومصحف إلى البحرين ومصحف إلى اليمن ومصحف إلى الجزيرة.
وأمر الناس أن يقرءوا على نسخة واحدة ، وكان سبب ذلك أنه بلغه أن الناس يقولون : قرآن آل فلان فأراد أن يكون نسخته واحدة ، وقيل : إن ابن مسعود كان كتب بذلك إليه فلما بلغه أنه كان يحرق المصاحف قال : لم أرد هذا ، وقيل : كتب إليه بذلك حذيفة بن اليمان. انتهى موضع الحاجة.
وفي الإتقان ، روى البخاري عن أنس : أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان ـ وكان يغازي أهل الشام ـ في فتح أرمينية وآذربيجان مع أهل العراق ـ فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال لعثمان : أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى ـ فأرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصحف ـ ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك ـ فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت ـ وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ـ فنسخوها في المصاحف ـ.
وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن ـ فاكتبوه بلسان قريش فإنه إنما نزل بلسانهم ـ ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ـ رد عثمان الصحف إلى حفصة ـ وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ـ وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق ـ.
قال زيد : آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف ـ قد كنت أسمع رسول الله صلىاللهعليهوآله يقرأ بها ـ فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري : ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) فألحقناها في سورتها في المصحف.
وفيه ، أخرج ابن أشتة من طريق أيوب عن أبي قلابة قال : حدثني رجل من بني عامر يقال له : أنس بن مالك قال : اختلفوا في القرآن على عهد عثمان ـ حتى اقتتل الغلمان والمعلمون ـ فبلغ ذلك عثمان بن عفان فقال : عندي تكذبون به وتلحنون فيه ـ فمن نأى عني كان أشد تكذيبا وأكثر لحنا ـ يا أصحاب محمد اجتمعوا واكتبوا للناس إماما ـ.
فاجتمعوا فكانوا إذا اختلفوا وتدارءوا في آية قالوا : هذه أقرأها رسول الله صلىاللهعليهوآله