آيَةٍ ) إزالة الآية عن العمل دون التلاوة كآية صدقة النجوى ، وبقوله : ( أو ننسأها ) ترك الآية ورفعها من عندهم بالمرة وإزالتها عن العمل والتلاوة كما روي تفسيرها بذلك عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم.
وفيه ، أخرج ابن الأنباري عن أبي ظبيان قال : قال لنا ابن عباس : أي القراءتين تعدون أول؟ قلنا : قراءة عبد الله وقراءتنا هي الأخيرة. فقال : رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يعرض عليه جبريل القرآن كل سنة مرة في شهر رمضان ـ وأنه عرضه عليه في آخر سنة مرتين ـ فشهد منه عبد الله ما نسخ ما بدل.
أقول : وهذا المعنى مروي بطرق أخرى عن ابن عباس وعبد الله بن مسعود نفسه وغيرهما من الصحابة والتابعين وهناك روايات أخر في الإنساء.
ومحصل ما استفيد منها أن النسخ قد يكون في الحكم كالآيات المنسوخة المثبتة في المصحف ، وقد يكون في التلاوة مع نسخ حكمها أو من غير نسخ حكمها وقد تقدم في تفسير قوله : ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ ) البقرة : ١٠٦ وسيأتي في قوله : ( وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ ) النحل : ١٠١ أن الآيتين أجنبيتان عن الإنساء بمعنى نسخ التلاوة ، وتقدم أيضا في الفصول السابقة أن هذه الروايات مخالفة لصريح الكتاب فالوجه عطفها على روايات التحريف وطرح القبيلين جميعا.
( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١١) كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥) ).