معيشة وهي ما به يعيش الحيوان ويديم حياته من المأكول والمشروب وغيرهما ويأتي مصدرا كالعيش والمعاش.
وقوله : ( وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ ) معطوف على الضمير المجرور في ( لَكُمْ ) على ما ذهب إليه من النحاة الكوفيون ويونس والأخفش من جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار ، وأما على قول غيرهم فربما يعطف على معايش والتقدير وجعلنا لكم من لستم له برازقين كالعبيد والحيوان الأهلي ، وربما جعل ( مَنْ ) مبتدأ محذوف الخبر والتقدير : ومن لستم له برازقين جعلنا له فيها معايش وهذا كله تكلف ظاهر.
وكيف كان ، المراد بمن العبيد والدواب ـ على ما قيل ـ أتي بلفظة من وهي لأولي العقل تغليبا هذا ، وليس من البعيد أن يكون المراد به كل ما عدا الإنسان من الحيوان والنبات وغيرهما فإنها تسأل الرزق كما يسأله العقلاء ومن دأبه سبحانه في كلامه أن يطلق الألفاظ المختصة بالعقلاء على غيرهم إذا أضيف إليها شيء من الآثار المختصة بهم كقوله تعالى في الأصنام : ( فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ) الأنبياء : ٦٣ وقوله : ( فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي ) الشعراء : ٧٧ إلى غير ذلك من الآيات المتعرضة لحال الأصنام التي كانوا يعبدونها ولا يستقيم للمعبود إلا أن يكون عاقلا ، وكذا قوله : ( فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ) حم السجدة : ١١ وغير ذلك.
والمعنى : وجعلنا لكم معشر البشر في الأرض أشياء تعيشون بها مما تدام به الحياة ولغيركم من أرباب الحياة مثل ذلك.
قوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ) الخزائن جمع خزانة وهي مكان خزن المال وحفظه وادخاره ، والقدر بفتحتين أو فتح فسكون مبلغ الشيء وكميته المتعينة.
ولما كانت الآية واقعة في سياق الكلام في الرزق الذي يعيش به الإنسان والحيوان كان المراد بالشيء الموصوف في الآية النبات وما يتبعه من الحبوب والثمرات فالمراد بخزانته التي عند الله وهو ينزل بقدر معلوم المطر النازل من السماء الذي ينبت به النبات فيأتي بالحبوب والأثمار ويعيش بذلك الإنسان والحيوان هذا ملخص ما ذكره جمع