وقد ثبت بالأبحاث الحديثة في علم النبات أن حكم الزوجية جار في عامة النبات وأن فيه ذكورية وأنوثية وأن الرياح في مهبها تحمل الذرات من نطفة الذكور فتلقح بها الإناث ، وهو قوله تعالى : ( وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ ).
وقوله : ( فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ ) إشارة إلى المطر النازل من السحاب وقد تسلم الأبحاث العلمية الحديثة أن الماء الموجود في الكرة الأرضية من الأمطار النازلة عليها من السماء على خلاف ما كانت تعتقده القدماء أنه كرة ناقصة محيطة بكرة الأرض إحاطة ناقصة وهو عنصر من العناصر الأربعة.
وهذه الآية التي تثبت بشطرها الأول : ( وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ ) مسألة الزوجية واللقاح في النبات ، وبشطرها الثاني : ( فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ ) أن المياه الموجودة المدخرة في الأرض تنتهي إلى الأمطار ، وقوله تعالى السابق : ( وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ ) الظاهر في أن للوزن دخلا خاصا في الإنبات والإنماء من نقود العلم التي سبق إليها القرآن الكريم الأبحاث العلمية وهي تتلو المعجزة أو هي هي.
قوله تعالى : ( وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ ) الكلام مسوق للحصر يريد بيان رجوع كل التدبير إليه ، وقد كان ما عده من النعم كالسماء ببروجها والأرض برواسيها ، وإنبات كل شيء موزون وجعل المعايش وإرسال اللواقح وإنزال الماء من السماء إنما يتم نظاما مبنيا على الحكمة والعلم إذا انضم إليه الحياة والموت والحشر ، وكان مما ربما يظن أن بعض الحياة والموت ليس إليه تعالى ولذا أكد الكلام وأتى بالحصر دفعا لذلك.
ثم جاء بقوله : ( وَنَحْنُ الْوارِثُونَ ) أي الباقون بعد إماتتكم المتصرفون فيما خولناكموه من أمتعة الحياة كأنه تعالى يقول إلينا تدبير أمركم ونحن محيطون بكم نحييكم بعد ما لم تكونوا فنحن قبلكم ، ونميتكم ونرثكم فنحن بعدكم.
قوله تعالى : ( وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ ) لما كانت الآيات السابقة التي تعد النعم الإلهية وتصف التدبير مسوقة لبيان وحدانيته تعالى في ربوبيته ، وكان لا ينفع الخلق والنظم من غير انضمام علمه تعالى وخاصة بمن يحييه ويميته