نقيا مثلا كقوله تعالى : ( وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها ) الزمر ـ ٦٩ وقوله : ( وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً ) النبأ : ٢٠ وقوله : ( وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ ) النمل : ٨٨ إن كانت الآية ناظرة إلى يوم القيامة إلى غير ذلك من الآيات.
فالآيات تنبئ عن نظام غير هذا النظام الذي نعهده وشئون دون ما نتصوره فإشراق الأرض يومئذ بنور ربها غير إشراق بسيطها بنور الشمس أو الكواكب أو غيرها ، وسير الجبال ينتهي عادة إلى زوالها عن مكانها وتلاشيها مثلا لا إلى كونها سرابا ، وهكذا نرجو أن يوفقنا الله سبحانه لبسط الكلام في هذا المعنى فيما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وقوله : ( وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ) معنى بروزهم وظهورهم لله يومئذ ـ مع كون الأشياء بارزة غير خفية عليه دائما ـ سقوط جميع العلل والأسباب التي كانت تحجبهم عنه تعالى ما داموا في الدنيا فلا يبقى يومئذ ـ على ما يشاهدون ـ شيء من الأسباب يملكهم ويتولى أمرهم ويستقل بالتأثير فيهم إلا الله سبحانه كما يدل عليه آيات كثيرة فهم لا يلتفتون إلى جانب ولا يتوجهون إلى جهة في ظاهرهم وباطنهم وحاضرهم والماضي الغائب من أحوالهم وأعمالهم إلا وجدوه سبحانه شاهدا مهيمنا عليه محيطا به.
والدليل على هذا الذي ذكرناه توصيفه تعالى بالواحد القهار المشعر بنوع من الغلبة فبروزهم لله يومئذ إنما هو ناشئ عن كونه تعالى هو الواحد الذي يقوم به وجود كل شيء ويقهر كل من دونه من مؤثر فلا يحول بينهم وبينه حائل فهم بارزون له بروزا مطلقا.
قوله تعالى : ( وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) المقرنين من التقرين وهو جمع الشيء إلى نظيره والأصفاد جمع الصفد وهو الغل الذي يجمع اليد إلى العنق أو هو مطلق السلسلة يقرن بين المقيدين ، والسرابيل جمع السربال وهو القميص والقطران شيء أسود منتن يطلى به الإبل فإنهم يطلون به فيصير كالقميص عليهم والغشاوة بالفتح الستر والتغطية يقال : غشي يغشى غشاوة أي ستره وغطاه ، ومعنى الآيتين واضح.
قوله تعالى : ( لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ ) معنى