الآية واضح ، وهي بظاهرها تدل على أن الذي تجزى به كل نفس هو عين ما كسبته من حسنة أو سيئة وإن تبدلت صورته ، فهي من الآيات الدالة على أن الذي يلحق بهم يوم القيامة هو نتيجة أعمالهم.
فالآية تفسر أولا معنى الجزاء في يوم الجزاء ، وثانيا معنى انتقامه تعالى يومئذ وأنه ليس من قبيل عقوبة المجرم العاصي تشفيا منه بل إلحاق ما يستدعيه عمل المجرم به وإن شئت فقل إيصال ما اكتسبه المجرم بعينه إليه.
وفي تعليل هذا الجزاء وهو في يوم القيامة بقوله : ( إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ ) إيماء إلى أن الجزاء واقع من غير فصل ومهل إلا أن ظرف ظهوره هو ذلك اليوم لا غير ، أو أن الحكم بالجزاء وكتابته واقع عند العمل وتحققه يوم القيامة ومآل الوجهين واحد في الحقيقة.
قوله تعالى : ( هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ ) البلاغ بمعنى التبليغ على ما ذكره الراغب أو بمعنى الكفاية على ما ذكره غيره.
والآية خاتمة السورة فالأنسب أن تكون الإشارة بهذا إلى ما أورد في السورة من البيان لا إلى مجموع القرآن كما ذكره بعضهم ولا إلى ما ذكر من قوله تعالى : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) إلى آخر السورة كما ذكره آخرون.
وقوله : ( وَلِيُنْذَرُوا بِهِ ) إلخ ، اللام فيه للغاية وهو معطوف على محذوف إنما حذف لفخامة أمره وعظم شأنه لا يحيط به أفهام الناس لاشتماله من الأسرار الإلهية على ما لا يطيقونه ، وإنما تسع عقولهم ما ذكر من غاياته وهو الإنذار والعلم بوحدانيته تعالى والتذكر ، فهم ينذرون بما ذكر فيها من مؤاخذته تعالى الظالمين عاجلا وآجلا ، وتتم عليهم الحجة بما ذكر فيها من آيات التوحيد ، ويتذكر المؤمنون منهم خاصة بما فيها من المعارف الإلهية.
وبهذا يتطابق مختتم السورة ومفتتحها أعني قوله في أول السورة : ( كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) فقد تقدم أن مدلول الآية أمر النبي صلىاللهعليهوآله بالدعوة والتبليغ إلى صراط الله بما أنه