من عبدة الشمس من الوثنيين.
وقوله : « وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ » بمنزلة عطف التفسير لما سبقه وهو مع ذلك توطئة لقوله بعد : « فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ » لأن تزيين الشيطان لهم أعمالهم التي هي سجدتهم وسائر تقرباتهم هو الذي صرفهم ومنعهم عن سبيل الله وهي عبادته وحده.
وفي إطلاق السبيل من غير إضافتها إليه تعالى إشارة إلى أنها السبيل المتعينة للسبيلية بنفسها للإنسان بالنظر إلى فطرته بل لكل شيء بالنظر إلى الخلقة العامة.
وقوله : « فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ » تفريع على صدهم عن السبيل إذ لا سبيل مع الصد عن السبيل فلا اهتداء ، فافهمه.
قوله تعالى : « أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ » القراءة الدائرة « أَلَّا » ـ بتشديد اللام ـ مؤلف من « أن ولا » وهو عطف بيان من « أَعْمالَهُمْ » ، والمعنى : زين لهم الشيطان أن لا يسجدوا لله ، وقيل : بتقدير لام التعليل ، والمعنى : زين لهم الشيطان ضلالتهم لئلا يسجدوا لله.
والخبء على ما في مجمع البيان ، المخبوء وهو ما أحاط به غيره حتى منع من إدراكه وهو مصدر وصف به يقال : خبأته أخبئه خبأ وما يوجده الله تعالى فيخرجه من العدم إلى الوجود يكون بهذه المنزلة. انتهى.
ففي قوله : « يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » استعارة كأن الأشياء مخبوءة مستورة تحت أطباق العدم فيخرجها الله تعالى إلى الوجود واحدا بعد آخر فيكون تسمية الإيجاد بعد العدم إخراجا للخبء قريبا من تسميته بالفطر وتوصيفه تعالى بأنه فاطر السماوات والأرض والفطر هو الشق كأنه يشق العدم فيخرج الأشياء.
ويمكن حمل الجملة على الحقيقة من غير استعارة لكنه مفتقر إلى بيان موضعه غير هذا الموضع. وقيل : المراد بالخبء الغيب وإخراجه العلم به وهو كما ترى.
وقوله : « وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ » بالتاء على الخطاب أي يعلم سركم وعلانيتكم ، وقرأ الأكثرون بالياء على الغيبة وهو أرجح.
وملخص الحجة : أنهم إنما يسجدون للشمس دون الله تعظيما لها على ما أودع الله سبحانه في طباعها من الآثار الحسنة والتدبير العام للعالم الأرضي وغيره ، والله الذي