عرض عليهم التوحيد أن يؤمنوا به أو كلمة الإخلاص أن يقولوها استمروا على استكبارهم ولم يقبلوا.
قوله تعالى : « وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ » قولهم هذا إنكار منهم للرسالة بعد استكبارهم عن التوحيد وإنكارهم له.
وقوله : « بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ » رد لقولهم : « لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ » حيث رموه عليهالسلام بالشعر والجنون وفيه رمي لكتاب الله بكونه شعرا ومن هفوات الجنون فرد عليهم بأن ما جاء به حق وفيه تصديق الرسل السابقين
فليس بباطل من القول كالشعر وهفوة الجنون وليس ببدع غير مسبوق في معناه.
قوله تعالى : « إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ » تهديد لهم بالعذاب لاستكبارهم ورميهم الحق بالباطل.
قوله تعالى : « وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ » أي لا ظلم فيه لأنه نفس عملكم يرد إليكم.
قوله تعالى : « إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ ـ إلى قوله ـ بَيْضٌ مَكْنُونٌ » استثناء منقطع من ضمير « لَذائِقُوا » أو من ضمير « ما تُجْزَوْنَ » ولكل وجه والمعنى على الأول لكن عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم وليسوا بذائقي العذاب الأليم والمعنى على الثاني لكن عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم وراء جزاء عملهم وسيجيء الإشارة إلى معناه.
واحتمال كون الاستثناء متصلا ضعيف لا يخلو من تكلف.
وقد سماهم الله سبحانه عباد الله المخلصين فأثبت لهم عبودية نفسه والعبد هو الذي لا يملك لنفسه شيئا من إرادة ولا عمل فهؤلاء لا يريدون إلا ما أراده الله ولا يعملون إلا له.
ثم أثبت لهم أنهم مخلصون بفتح اللام أي إن الله تعالى أخلصهم لنفسه فلا يشاركه فيهم أحد فلا تعلق لهم بشيء غيره تعالى من زينة الحياة الدنيا ولا من نعم العقبى وليس في قلوبهم إلا الله سبحانه.