من استخلفه في صفاته وأعماله فعلى خليفة الله في الأرض أن يتخلق بأخلاق الله ويريد ويفعل ما يريده الله ويحكم ويقضي بما يقضي به الله ـ والله يقضي بالحق ـ ويسلك سبيل الله ولا يتعداها.
ولذلك فرع على جعل خلافته قوله : « فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ » وهذا يؤيد أن المراد بجعل خلافته إخراجها من القوة إلى الفعل في حقه لا مجرد الخلافة الشأنية لأن الله أكمله في صفاته وآتاه الملك يحكم بين الناس.
وقول بعضهم : إن المراد بخلافته المجعولة خلافته ممن قبله من الأنبياء وتفريع قوله : « فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ » لأن الخلافة نعمة عظيمة شكرها العدل أو أن المترتب هو مطلق الحكم بين الناس الذي هو من آثار الخلافة وتقييده بالحق لأن سداده به ، تصرف في اللفظ من غير شاهد.
وقوله : « وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ » العطف والمقابلة بينه وبين ما قبله يعطيان أن المعنى ولا تتبع في قضائك الهوى هوى النفس فيضلك عن الحق الذي هو سبيل الله فتفيد الآية أن سبيل الله هو الحق.
قال بعضهم : إن في أمره عليهالسلام بالحكم بالحق ونهيه عن اتباع الهوى تنبيها لغيره ممن يلي أمور الناس أن يحكم بينهم بالحق ولا يتبع الباطل وإلا فهو عليهالسلام من حيث إنه معصوم لا يحكم إلا بالحق ولا يتبع الباطل.
وفيه أن أمر تنبيه غيره بما وجه إليه من التكليف في محله لكن عصمة المعصوم وعدم حكمه إلا بالحق لا يمنع توجه التكليف بالأمر والنهي إليه فإن العصمة لا توجب سلب اختياره وما دام اختياره باقيا جاز بل وجب توجه التكليف إليه كما يتوجه إلى غيره من الناس ، ولو لا توجه التكليف إلى المعصوم لم يتحقق بالنسبة إليه واجب ومحرم ولم تتميز طاعة من معصية فلغا معنى العصمة التي هي المصونية عن المعصية.
وقوله : « إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ » تعليل للنهي عن اتباع الهوى بأنه يلازم نسيان يوم الحساب وفي نسيانه عذاب شديد والمراد بنسيانه عدم الاعتناء بأمره.
وفي الآية دلالة على أن كل ضلال عن سبيل الله سبحانه بمعصية من المعاصي لا