وقوله : « لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ » أي لا تقدرون على النفوذ إلا بنوع من السلطة على ذلك وليس لكم والسلطان القدرة الوجودية ، والسلطان البرهان أو مطلق الحجة ، والسلطان الملك.
وقيل : المراد بالنفوذ المنفي في الآية النفوذ العلمي في السماوات والأرض من أقطارهما ، وقد عرفت أن السياق لا يلائمه.
قوله تعالى : « يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ » الشواظ ـ على ما ذكره الراغب ـ اللهب الذي لا دخان فيه ، ويقرب منه ما في المجمع ، أنه اللهب الأخضر المنقطع من النار ، والنحاس الدخان وقال الراغب : هو اللهب بلا دخان والمعنى ظاهر.
وقوله : « فَلا تَنْتَصِرانِ » أي لا تتناصران بأن ينصر بعضكم بعضا لرفع البلاء والتخلص عن العناء لسقوط تأثير الأسباب ولا عاصم اليوم من الله.
قوله تعالى : « فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ » أي كانت حمراء كالدهان وهو الأديم الأحمر.
قوله تعالى : « فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ » الآية وما يتلوها من الآيات إلى آخر السورة تصف الحساب والجزاء تصف حال المجرمين والخائفين مقام ربهم وما ينتهي إليه.
ثم الآية تصف سرعة الحساب وقد قال تعالى : « وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ » النور : ٣٩.
والمراد بيومئذ يوم القيامة ، والسؤال المنفي هو النحو المألوف من السؤال ، ولا ينافي نفي السؤال في هذه الآية إثباته في قوله : « وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ » الصافات : ٢٤ وقوله : « فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ » الحجر : ٩٢ ، لأن اليوم ذو مواقف مختلفة يسأل في بعضها ، ويختم على الأفواه في بعضها وتكلم الأعضاء ، ويعرف بالسيماء في بعضها.
قوله تعالى : « يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ » في مقام الجواب عن سؤال مقدر كأنه قيل : فإذا لم يسألوا عن ذنبهم فما يصنع بهم؟ فأجيب بأنه يعرف المجرمون بسيماهم إلخ ، ولذا فصلت الجملة ولم يعطف ، والمراد بسيماهم علامتهم البارزة في وجوههم.
وقوله : « فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ » الكلام متفرع على المعرفة المذكورة ، والنواصي