جمع ناصية وهي شعر مقدم الرأس ، والأقدام جمع قدم ، وقوله : « بِالنَّواصِي » نائب فاعل يؤخذ.
والمعنى : ـ لا يسأل أحد عن ذنبه ـ يعرف المجرمون بعلامتهم الظاهرة في وجوههم فيؤخذ بالنواصي والأقدام من المجرمين فيلقون في النار.
قوله تعالى : « هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ـ إلى قوله ـ آنٍ » مقول قول مقدر أي يقال يومئذ هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون ، وقال الطبرسي : ويمكن أنه لما أخبر الله سبحانه أنهم يؤخذون بالنواصي والأقدام قال للنبي صلىاللهعليهوآله : هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون من قومك فسيردونها فليهن عليك أمرهم. انتهى.
والحميم الماء الحار ، والآني الذي انتهت حرارته والباقي ظاهر.
قوله تعالى : « وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ » شروع في وصف حال السعداء من الخائفين مقام ربهم ، والمقام مصدر ميمي بمعنى القيام مضاف إلى فاعله ، والمراد قيامه تعالى عليه بعمله وهو إحاطته تعالى وعلمه بما عمله وحفظه له وجزاؤه عليه قال تعالى : « أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ » الرعد : ٣٣.
ويمكن أن يكون المقام اسم مكان والإضافة لامية والمراد به مقامه وموقفه تعالى من عبده وهو أنه تعالى ربه الذي يدبر أمره ومن تدبير أمره أنه دعاه بلسان رسله إلى الإيمان والعمل الصالح وقضى أن يجازيه على ما عمل خيرا أو شرا هذا وهو محيط به وهو معه سميع بما يقول بصير بما يعمل لطيف خبير.
والخوف من الله تعالى ربما كان خوفا من عقابه تعالى على الكفر به ومعصيته ، ولازمه أن يكون عبادة من يعبده خوفا بهذا المعنى يراد بها التخلص من العقاب لا لوجه الله محضا وهو عبادة العبيد يعبدون مواليهم خوفا من السياسة كما أن عبادة من يعبده طمعا في الثواب غايتها الفوز بما تشتهيه النفس دون وجهه الكريم وهي عبادة التجار كما في الروايات وقد تقدم شطر منها.
والخوف المذكور في الآية ـ وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ ـ ظاهره غير هذا الخوف فإن هذا خوف من العقاب وهو غير الخوف من قيامه تعالى على عبده بما عمل أو الخوف من مقامه تعالى من عبده فهو تأثر خاص ممن ليس له إلا الصغار والحقارة تجاه ساحة العظمة والكبرياء ، وظهور أثر المذلة والهوان والاندكاك قبال العزة والجبروت المطلقين.