لكاذب ، وقال من حضر من الأنصار : يا رسول الله ـ شيخنا وكبيرنا لا تصدق عليه كلام غلام من غلمان الأنصار ـ عسى أن يكون هذا الغلام وهم في حديثه.
فعذره رسول الله صلىاللهعليهوآله وفشت الملامة من الأنصار لزيد.
ولما استقل رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ فسار لقيه أسيد بن الحضير فحياه بتحية النبوة ـ ثم قال : يا رسول الله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح فيها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أوما بلغك ما قال صاحبكم؟ زعم أنه إن رجع إلى المدينة ـ أخرج الأعز منها الأذل. فقال أسيد : فأنت والله يا رسول الله تخرجه إن شئت. هو والله الذليل وأنت العزيز. ثم قال : يا رسول الله ارفق به ـ فو الله لقد جاء الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه ـ وإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا.
وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي ما كان من أمر أبيه فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله إنه قد بلغني أنك تريد قتل أبي فإن كنت لا بد فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه فو الله لقد علمت الخزرج ما كان بها رجل أبر بوالديه مني وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أن أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي أن يمشي في الناس فأقتله فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار ، فقال صلىاللهعليهوآله : بل ترفق به وتحسن صحبته ما بقي معنا.
قالوا : وسار رسول الله صلىاللهعليهوآله بالناس يومهم ذلك ـ حتى أمسى وليلتهم حتى أصبح وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس ثم نزل بالناس فلم يكن إلا أن وجدوا مس الأرض وقعوا نياما ، إنما فعل ذلك ليشغل الناس عن الحديث الذي خرج من عبد الله بن أبي.
ثم راح بالناس حتى نزل على ماء بالحجاز ـ فويق البقيع يقال له : بقعاء ـ فهاجت ريح شديدة آذتهم وتخوفوها ـ وضلت ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآله وذلك ليلا ـ فقال : مات اليوم منافق عظيم النفاق بالمدينة ـ قيل : من هو؟ قال : رفاعة. فقال رجل من المنافقين : كيف يزعم أنه يعلم الغيب ـ ولا يعلم مكان ناقته؟ ألا يخبره الذي يأتيه بالوحي؟ فأتاه جبريل فأخبره بقول المنافق وبمكان الناقة ، وأخبر رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك أصحابه وقال : ما أزعم أني أعلم الغيب وما أعلمه ولكن الله تعالى أخبرني بقول المنافق وبمكان ناقتي. هي في الشعب فإذا هي كما قال فجاءوا بها وآمن ذلك المنافق.
فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد في التابوت أحد بني قينقاع وكان من عظماء اليهود مات ذلك اليوم.