إليها محذوف أي الذي تهواه النفس ، وقيل : مصدرية والتقدير هوى النفس والهوى الميل الشهواني للنفس والجملة مسوقة لذمهم في اتباع الباطل وتأكيد لما تقدم من أنه لا برهان لهم على ذلك.
ويؤكده قوله : « وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى » والجملة حالية.
والمعنى : إن يتبع هؤلاء المشركون في أمر آلهتهم إلا الظن وما يميل إليه أنفسهم شهوة يتبعون ذلك والحال أنه قد جاءهم من الله وهو ربهم الهدى وهي الدعوة الحقة أو القرآن الذي يهديهم إلى الحق.
والالتفات في الآية من الخطاب إلى الغيبة للإشعار بأنهم أحط فهما من أن يخاطبوا بهذا الكلام على أنهم غير مستعدين لأن يخاطبوا بكلام برهاني وهم أتباع الظن والهوى.
قوله تعالى : « أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى » أم منقطعة والاستفهام إنكاري ، والكلام مسوق لنفي أن يملك الإنسان ما يتمناه بمجرد أنه يتمناه أي ليس يملك الإنسان ما يتمناه بمجرد أنه يتمناه حتى يملك المشركون ما يتمنونه بهوى أنفسهم من شفاعة الملائكة الذين هم أرباب أصنامهم وبنات لله بزعمهم أو يملكوا ألوهية آلهتهم بمجرد التمني.
وفي الكلام تلويح إلى أنهم ليس لهم للدلالة على صحة ألوهية آلهتهم أو شفاعتهم إلا التمني ، ولا يملك شيء بالتمني.
قوله تعالى : « فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى » تفريعه على سابقه من تفريع العلة للمعلول للدلالة على التعلق والارتباط ففيه تعليل للجملة السابقة ، والمعنى : ليس يملك الإنسان ما تمناه بمجرد التمني لأن الآخرة والأولى لله سبحانه ولا شريك له في ملكه.
قوله تعالى : « وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى » الفرق بين الإذن والرضا أن الإذن إعلام ارتفاع المانع من قبل الآذن ، والرضا ملاءمة نفس الراضي للشيء وعدم امتناعها فربما تحقق الإذن بشيء مع عدم الرضا ولا يتحقق رضا إلا مع الإذن بالفعل أو بالقوة.
والآية مسوقة لنفي أن يملك الملائكة من أنفسهم الشفاعة مستغنين في ذلك عن الله سبحانه كما يروم إليه عبدة الأصنام فإن الأمر مطلقا إلى الله تعالى فإنما يشفع من يشفع منهم بعد إذنه تعالى له في الشفاعة ورضاه بها.
وعلى هذا فالمراد بقوله : « لِمَنْ يَشاءُ » الملائكة ، ومعنى الآية : وكثير من الملائكة