( بيان )
سورة ممحضة في الإنذار والتخويف إلا آيتين من آخرها تبشران المتقين بالجنة والحضور عند ربهم.
تبدأ السورة بالإشارة إلى آية شق المقر التي أتى بها رسول الله صلىاللهعليهوآله عن اقتراح من قومه ، وتذكر رميهم له بالسحر وتكذيبهم به واتباعهم الأهواء مع ما جاءهم أنباء زاجرة من أنباء يوم القيامة وأنباء الأمم الماضين الهالكين ثم يعيد تعالى عليهم نبذة من تلك الأنباء إعادة ساخط معاتب فيذكر سيئ حالهم يوم القيامة عند خروجهم من الأجداث وحضورهم للحساب.
ثم تشير إلى قصص قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وآل فرعون وما نزل بهم من أليم العذاب إثر تكذيبهم بالنذر وليس قوم النبي صلىاللهعليهوآله بأعز عند الله منهم وما هم بمعجزين ، وتختتم السورة ببشرى للمتقين.
والسورة مكية بشهادة سياق آياتها ، ولا يعبأ بما قيل : إنها نزلت ببدر ، وكذا بما قيل : إن بعض آياتها مدنية ، ومن غرر آياتها ما في آخرها من آيات القدر.
قوله تعالى : « اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ » الاقتراب زيادة في القرب فقوله : « اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ » أي قربت جدا ، والساعة هي الظرف الذي تقوم فيه القيامة.
وقوله : « وَانْشَقَّ الْقَمَرُ » أي انفصل بعضه عن بعض فصار فرقتين شقتين تشير الآية إلى آية شق القمر التي أجراها الله تعالى على يد النبي صلىاللهعليهوآله بمكة قبل الهجرة إثر سؤال المشركين من أهل مكة ، وقد استفاضت الروايات على ذلك ، واتفق أهل الحديث والمفسرون على قبولها كما قيل. ولم يخالف فيه منهم إلا الحسن وعطاء والبلخي حيث قالوا : معنى قوله : « انْشَقَّ الْقَمَرُ » سينشق القمر عند قيام الساعة وإنما عبر بلفظ الماضي لتحقق الوقوع.
وهو مزيف مدفوع بدلالة الآية التالية « وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ » فإن سياقها أوضح شاهد على أن قوله « آيَةً » مطلق شامل لانشقاق القمر فعند وقوعه إعراضهم وقولهم : سحر مستمر ومن المعلوم أن يوم القيامة يوم يظهر فيه الحقائق ويلجئون فيه إلى المعرفة ، ولا معنى حينئذ لقولهم في آية ظاهرة : أنها سحر مستمر فليس إلا أنها