لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً » إسراء : ٧٩ وقد تقدم معنى المقام المحمود في تفسير الآية.
وإذ كان من ثقل القرآن ثقله من حيث التحقق بحقائقه ومن حيث استجابته فيما يندب إليه من الشرائع والأحكام فهو ثقيل على الأمة كما هو ثقيل عليه صلىاللهعليهوآله ومعنى الآية إنا سنوحي إليك قولا يثقل عليك وعلى أمتك أما ثقله عليه صلىاللهعليهوآله فلما في التحقق بحقائقه من الصعوبة ولما فيه من محنة الرسالة وما يتبعها من الأذى في جنب الله وترك الراحة والدعة ومجاهدة النفس والانقطاع إلى الله مضافا إلى ما في تلقيه من مصدر الوحي من الجهد ، وأما ثقله على أمته فلأنهم يشاركونه صلىاللهعليهوآله في لزوم التحقق بحقائقه واتباع أوامره ونواهيه ورعاية حدوده كل طائفة منهم على قدر طاقته.
وللقوم في معنى ثقل القرآن أقوال أخر :
منها : أنه ثقيل بمعنى أنه عظيم الشأن متين رصين كما يقال : هذا كلام له وزن إذا كان واقعا موقعه.
ومنها : أنه ثقيل في الميزان يوم القيامة حقيقة أو مجازا بمعنى كثرة الثواب عليه.
ومنها : أنه ثقيل على الكفار والمنافقين بما له من الإعجاز وبما فيه من الوعيد.
ومنها : أن ثقله كناية عن بقائه على وجه الدهر لأن الثقيل من شأنه أن يبقى ويثبت في مكانه.
ومنها : غير ذلك والوجوه المذكورة وإن كانت لا بأس بها في نفسها لكن ما تقدم من الوجه هو الظاهر السابق إلى الذهن.
قوله تعالى : « إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً » الآية الأولى في مقام التعليل لاختيار الليل وقتا لهذه الصلاة ، والآية الثانية في مقام التعليل لترك النهار والإعراض عنه كما أن الآية السابقة أعني قوله : « إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً » في مقام التعليل لتشريع أصل هذه الصلاة.
فقوله : « إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً » الناشئة إما مصدر كالعاقبة والعافية بمعنى النشأة وهي الحدوث والتكون ، وإما اسم فاعل من النشأة مضاف إلى موصوفه وكيف كان فالمراد بها الليل وإطلاق الحادثة على الليل كإطلاقها على سائر أجزاء