الخلقة وربما قيل : إنها الصلاة في الليل ووطء الأرض وضع القدم عليها ، وكونها أشد وطأ كناية عن كونها أثبت قدما لصفاء النفس وعدم تكدرها بالشواغل النهارية وقيل : الوطء مواطاة القلب اللسان وأيد بقراءة « أَشَدُّ وَطْئاً » والمراد بكونها أقوم قيلا كونها أثبت قولا وأصوب لحضور القلب وهدوء الأصوات.
والمعنى أن حادثة الليل أو الصلاة في الليل هي أثبت قدما ـ أو أشد في مواطاة القلب اللسان وأثبت قولا وأصوب لما أن الله جعل الليل سكنا يستتبع انقطاع الإنسان عن شواغل المعيشة إلى نفسه وفراغ باله.
وقوله : « إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً » السبح المشي السريع في الماء والسبح الطويل في النهار كناية عن الغور في مهمات المعاش وأنواع التقلب في قضاء حوائج الحياة.
والمعنى أن لك في النهار مشاغل كثيرة تشتغل بها مستوعبة لا تدع لك فراغا تشتغل فيه بالتوجه التام إلى ربك والانقطاع إليه بذكره فعليك بالليل والصلاة فيه.
وقيل : المعنى أن لك في النهار فراغا لنومك وتدبير أمر معاشك والتصرف في حوائجك فتهجد في الليل.
وقيل : المعنى أن لك في النهار فراغا فإن فاتك من الليل شيء أمكنك أن تتداركه في النهار وتقضيه فيه فالآية في معنى قوله : « وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً » الفرقان : ٦٢.
والذي قدمناه من المعنى أنسب للمقام.
قوله تعالى : « وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً » الظاهر أنه يصف صلاة الليل فهو كالعطف التفسيري على قوله : « وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً » وعلى هذا فالمراد بذكر اسم الرب تعالى الذكر اللفظي بمواطاة من القلب وكذا المراد بالتبتل التبتل مع اللفظ.
وقيل : الآية تعميم بعد التخصيص والمراد بالذكر دوام ذكره تعالى ليلا ونهارا على أي وجه كان من تسبيح وتحميد وصلاة وقراءة قرآن وغير ذلك ، وإنما فسر الذكر بالدوام لأنه صلىاللهعليهوآله لم ينسه تعالى حتى يؤمر بذكره ، والمراد الدوام العرفي دون الحقيقي لعدم إمكانه. انتهى.
وفيه أنه إن أراد بالذكر الذكر اللفظي فعدم نسيانه صلىاللهعليهوآله ربه تعالى لا ينافي أمره