وقوله : « لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ».
والمعنى سأل سائل من الكفار عذابا للكافرين من الله سيصيبهم ويقع عليهم لا محالة ولا دافع له أي أنه واقع عليهم سأل أو لم يسأل ففيه جواب تحقيري وإجابة لمسئوله تهكما.
قوله تعالى : « لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ » للكافرين متعلق بعذاب وصفة له ، وكذا قوله : « لَيْسَ لَهُ دافِعٌ » وقد مرت الإشارة إلى معنى الآية.
قوله تعالى : « مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ » الجار والمجرور متعلق بقوله : « دافِعٌ » أي ليس له دافع من جانب الله ومن المعلوم أنه لو اندفع لم يندفع إلا من جانب الله سبحانه ، ومن المحتمل أن يتعلق بقوله : « بِعَذابٍ ».
والمعارج جمع معرج وفسروه بالمصاعد وهي الدرجات وهي مقامات الملكوت التي يعرج إليها الملائكة عند رجوعهم إلى الله سبحانه على ما يفسره قوله بعد : « تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ » إلخ فله سبحانه معارج الملكوت ومقاماتها المترتبة علوا وشرفا التي تعرج فيها الملائكة والروح بحسب قربهم من الله وليست بمقامات وهمية اعتبارية.
وقيل : المراد بالمعارج الدرجات التي يصعد فيها الاعتقاد الحق والعمل الصالح قال تعالى : « إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ » الفاطر ١٠ ، وقال : « وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ » الحج : ٣٧.
وقيل : المراد به مقامات القرب التي يعرج إليها المؤمنون بالإيمان والعمل الصالح قال تعالى : « هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ » آل عمران : ١٦٣ وقال : « لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ » الأنفال : ٤ وقال : « رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ » المؤمن : ١٥.
والحق أن مآل الوجهين إلى الوجه الأول ، والدرجات المذكورة حقيقية ليست بالوهمية الاعتبارية.
قوله تعالى : « تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ » المراد بهذا اليوم يوم القيامة على ما يفيده سياق الآيات التالية.
والمراد بكون مقدار هذا اليوم خمسين ألف سنة على ما ذكروا أنه بحيث لو وقع في الدنيا وانطبق على الزمان الجاري فيها كان مقداره من الزمان خمسين ألف سنة من سني الدنيا.