يعرف أحد بذلك من غير جهة دعوى الكشي الإجماع على التصحيح » غير تامّ أيضاً ، فإن الظاهر أن مراده من « وغيرهم من الثقات » هم المعروفون بأنهم لا يروون إلا عنهم ، وقد ذكرنا اسماء بعضهم ، والمتتبع في معاجم الرجال وفهارسها يقف على عدّة كان ديدنهم عدم النقل إلا عن الثقات ، ولاجل ذلك كانوا يعدّون النقل عن الضعفاء ضعفاً في الراوي ويقولون : « أحمد بن محمد بن خالد البرقي ثقة إلا انه يروي عن الضعفاء » وهذا يكشف عن تجنب عدة من الاعاظم عن هذا ، ومعه كيف يصح أن يدعي « ولم يعرف أحد بذلك من غير جهة دعوى الكشي ».
ثم إنه أيُ فرق بين دعوى الكشي في حق اصحاب الاجماع فتقبل ثم يناقش في مدلولها ، ودعوى الشيخ في حق هؤلاء الثلاثة فلا تقبل من رأس وترمى بأنها مستنبطة من كلام الكشي؟!
وأما مخالفة الشيخ نفسه في موارد من التهذيب والاستبصار فقد عرفت وجهه ، وانه ألّف جامعيه في أوائل شبابه ، ولم يكن عند ذاك واقفاً على سيرة الاصحاب في مراسيل هؤلاء ، فلأجل ذلك ردَّ مراسيلهم بحجة الارسال. ولكنه وقف عليها بعد الممارسة الكثيرة بكتب الاصحاب الرجالية والفقهية ، وكتب وألف كتاب « العدَّة » في أيام الشريف المرتضى ( المتوفّى عام ٤٣٦ هـ ) وهو في تلك الايام يتجاوز عمره الخمسين سنة ، وقد خالط الفقه والرجال لحمه ودمه ، ووقف على الاُصول المؤلفة في عصر الأئمة عليهمالسلام وبعده.
وثانياً : فرضنا أن التسوية ثابتة ، لكن من المظنون قويّاً أن منشأ ذلك هو بناء العامل على حجية خبر كل إمامي لم يظهر منه فسق ، وعدم اعتبار الوثاقة فيه ، كما نسب إلى القدماء ، واختاره جمع من المتأخرين منهم العلاّمة على ما سيجيء في ترجمة أحمد بن اسماعيل بن عبدالله (١) وعليه لا أثر لهذه التسوية
__________________
١ ـ معجم رجال الحديث : ٢ / ٥١.