فأبوا ، قال : «فانّي أُناجزكم» ، فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ، ولا تخيفنا ، ولا تردُّنا عن ديننا ، على أن نوَدي إليك كلّ عام ألفي حلّة ، ألف في صفر ، وألف في رجب ، وثلاثين درعاً عادية من حديد ، فصالحهم على ذلك.
وقال : «والذي نفسي بيده انّ الهلاك قد تدلى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولا ضطرم عليهم الوادي ناراً ، ولاستأصل اللّه نجران وأهله حتى الطير على روَوس الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلّهم حتى يهلكوا».
وعن عائشة انّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج وعليه مرط مرجل من شعر أسود ، فجاء الحسن فأدخله ، ثمّ جاء الحسين فأدخله ، ثمّ فاطمة ، ثمّ علي ، ثمّ قال : (إنّما يريداللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) (١).
الشاهدعلى استجابة دعائهم أمران :
أ : قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أنا دعوت فأمّنوا ، فكان دعاء النبي يصعد بتأمينهم ، وأيُّ مقام أعلى وأنبل من أن يكون دعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صاعداً بفضل دعائهم.
ب : قول أُسقف نجران : «انّي لاَرى وجوهاً لوشاء اللّه أن يزيل جبلاً من مكانه لاَزاله بها» والضمير يرجع إلى الوجوه ، أي لازاله بدعائهم أو لاَزاله بالقسم على اللّهبهم ، وقد أيَّد القول الثاني ابن البطريق في «العمدة» حيث قال : المباهلة بهم تصدق دعوى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد صار إبطال محاجَّة أهل نجران في القرآن الكريم بالقسم على اللّه بهم(٢).
__________________
١. الكشاف : ١ / ٣٢٦ ـ ٣٢٧ ، ط عام ١٣٦٧ هـ.
٢. العمدة : ٢٤٣.