وما قاله أبو حنيفة مخالف لظاهر الآية فإنّ اللّه تعالى سمّى لرسوله وقرابته شيئاً وجعل لهما في الخمس حقاً ، كما سمّى الثلاثة أصناف الباقية ، فمن خالف ذلك فقد خالف نصّ الكتاب ، وأمّا جعل أبي بكر وعمر سهم ذي القربى ، في سبيل اللّه ، فقد ذُكر لاَحمد فسكت وحرك رأسه ولم يذهب إليه ، ورأى أنّ قول ابن عباس ومن وافقه أولى ، لموافقته كتاب اللّه وسنة رسوله(١).
وقد أجمع أهل القبلة كافة على أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يختص بسهم من الخمس ويخص أقاربه بسهم آخر منه ، وأنّه لم يعهد بتغيير ذلك إلى أحد حتى دعاه اللّه إليه ، واختار اللّه له الرفيق الاَعلى.
فلمّا ولى أبوبكر تأوّل الآية فأسقط سهم النبي وسهم ذي القربى بموت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومنع بني هاشم من الخمس ، وجعلهم كغيرهم من يتامى المسلمين ومساكينهم وأبناء السبيل منهم.
قال الزمخشري عن ابن عباس : الخمس على ستة أسهم : للّه ولرسوله سهمان ، وسهم لاَقاربه ، حتى قبض فأجرى أبو بكر الخمس على ثلاثة ، وكذلك روي عن عمر ومن بعده من الخلفاء ، قال : وروي أنّ أبابكر منع بني هاشم الخمس(٢).
وقد ارسلت فاطمة عليهاالسلام ، تسأله ميراثها من رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مما أفاء اللّه عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر ، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلّمه حتى توفيت ، وعاشت بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ستة أشهر ،
__________________
١. الشرح الكبير على هامش المغني : ١٠ / ٤٩٣ ـ ٤٩٤.
٢. الكشاف : ٢ / ١٢٦.