هوَلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لاَضرمت المدينة على أهلها ناراً ، وحُصُّبوا بالحجارة كقوم لوط ، ونزل فيهم رجال لا تلهيهم تجارة(١).
وقد وصف الاِمام أمير الموَمنين عليهالسلام هوَلاء الرجال الذين يسبِّحون في تلك البيوت؛ عند تلاوته : (رِجالٌ لا تُلهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِاللّه) : وإنّ للذكر لاَهلاً أخذوه من الدُّنيا بدلاًً ، فلم يشغلهم تجارة ولا بيع عنه ، يقطعون به أيام الحياة ، ويهتفون بالزواجر عن محارم اللّه في أسماع الغافلين ، ويأمرون بالقسط ويأتمرون به ، وينهون عن المنكر ويتناهون عنه فكأنَّما قطعوا الدنيا إلى الآخرة وهم فيها ، فشاهدوا ما وراء ذلك ، فكأنّما اطَّلعوا غيوب أهل البرزخ في طول الاِقامة فيه ، وحقَّقت القيامة عليهم عِداتهُا ، فكشفوا غطاء ذلك لاَهل الدنيا ، حتى كأنّهم يرون ما لا يرى الناس ويسمعون ما لا يسمعون(٢).
__________________
١. البرهان في تفسير القرآن : ٣ / ١٣٩.
٢. نهج البلاغة : الخطبة ٢٢٢.